الحمد لله رب
العالمين ، خالق السماوات والاراضين ، أحمده سبحانه وأستعين به وأستهديه هو الرحمن
الرحيم ، لا إله غيره ولا رب سواه ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده
ورسوله وخيرته من خلقه ، أرسله ربه ليخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور اليقين
فكان صلى الله عليه وسلم خير رسول وأعظم بشير سلك بالبشرية طريق الهدى والرشاد
فكان الإيمان بعد الشرك والنور بعد الظلام والأمن والطمأنينة بعد الخوف.
أما بعد..
سيظل القرآن
الكريم شامخا وإعجازه عظيما باقيا إلى يوم الدين ، فلقد اشتهر العرب قبل الإسلام
بالفصاحة والبلاغة لدرجة عظيمة ، حيث كانت الأسواق تقام ويتبارى فيها الفصحاء
والبلغاء والأدباء والشعراء كل يدلي بدلوه إما بالشعر وإما بالخطب وإما بالنصائح
وإما بالحكم والأمثال.
من أجل ذلك جاء
القرآن الكريم بفصاحته وبلاغته متحديا لهم على لسان رسول كريم ونبي أمي لا يقرأ
ولا يكتب فتحداهم جميعا أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا وسيظل القرآن متحديا لهم
إلى يوم الدين يحمل بين سطوره برهان كماله وآية إعجازه.
يقول الله عز وجل:
﴿ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣
عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥ ﴾
الشعراء 195:193
هذا وقد جاء
التحدي والإعجاز البلاغي في القرآن الكريم في مواضع كثيرة أذكر منها على سبيل
المثال لا الحصر:
أولا:
قوله سبحانه
وتعالى:
﴿ قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ
وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ
بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا ٨٨ ﴾
سورة الإسراء( 88(
ثانيا:
قوله سبحانه
وتعالى:
﴿ وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ
عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ
شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٣ فَإِن لَّمۡ
تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ٢٤ ﴾
سورة البقرة
23-24
ثالثا:
قوله سبحانه
وتعالى:
﴿ أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ
فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم
مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ١٣ فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ
فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٤ ﴾
سورة هود 13-14
رابعا:
قوله سبحانه
وتعالى:
﴿ وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ
هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا
بِعَذَابٍ أَلِيمٖ ٣٢ ﴾
سورة الأنفال 32
هذا قول كفار
قريش الذي حكاه تعالى عنهم وهذا كذب وافتراء ودعوى باطلة بلا دليل ولا برهان ولو
كانوا صادقين لأتوا بما يعارضه بل إنهم يعلمون كذب أنفسهم.
قال الله عز وجل
رداً عليهم
﴿ قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ
فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦ ﴾
سورة الفرقان 6
رابعا:
القرآن العظيم
معجز من وجوه متعددة من حيث فصاحه وبلاغته ونظمه وتراكيبه وأساليبه وما تضمنه من
أخبار ماضية ومستقبلة وما اشتمل عليه من أحكام جلية وقد تحدى ببلاغة ألفاظه فصحاء
العرب كما تحداهم بما اشتمل عليه من معان صحيحة كاملة وهي أعظم في التحدي عند كثير
من العلماء ، فأسلوب كلام القرآن لا يشبه أسلوب كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
، وكلام رسول الله الوارد في أحاديثه الشريفة لا يقدر أحد من الصحابة ولا من جاء
بعدهم أن يتكلم بمثل أساليبه صلى الله عليه وسلم في فصاحته وبلاغته
عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من الأنبياء نبي إلا قد
أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله
إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة(
أخرجه البخاري ومسلم.
نعم إنه القرآن الكريم ذلك الكتاب المعجز الذي يمنح الإنسانية
من علومه ومعارفه ومن أسراره وحكمه ما يزيدهم إيمانا بأنه المعجزة الخالدة للنبي
الأمي صلوات الله وسلامه عليه
وإيمانا بعظمة
هذا الكتاب الخالد أردنا أن نقدم جانبا واحدا من الجوانب العظيمة في إعجاز القرآن
الكريم وهو ما يسمى بعلم البلاغة ليكون ذلك دليلا قويا وبرهانا ساطعا على صدق
الرسول الكريم في رسالته وعظمة القرآن الكريم وشموخه في تحديه لأساطين البلاغة
والفصاحة. نعم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب
العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق