بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد
فالقرآن الكريم هو أول مصادر الاستدلال وأهمها وأقواها لأنه كلام الرب المباشر الذي نزل به جبريل الأمين على خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، ومنه عرفنا حجية كثير من الأدلة المعتبرة مثل الإجماع وغيرها، وهذه الأهمية تجعل من المهم العناية به فقهيا واستخراج كنوزه الفقهية وجمع آيات الأحكام التي استدل بها المفسرون على أحكام فقهية من كل كتب التفسير التي عنيت بالمسائل الفقهية والاستدلال لها، وترتيبها على الأبواب الفقهية لتكون موسوعة علمية مرتبة على الأبواب الفقهية، تخدم العالم والمتعلم، ومع كثرة المؤلفات فيها تتحول لعلم مستقل له مؤلفاته ومداخله ومقدماته وتأصيله
ونظرا لأهمية هذا العلم ألف عدد من العلماء في آيات الأحكام على مختلف المذاهب الأربعة، ولازال العلم ثريا يستحق المزيد من التأليف وخاصة بالبحث العلمي الأكاديمي المؤصل الموثق
ولقد حصر بعض العلماء آيات الأحكام بعدد معين فقيل ثمانمائة آية كقول ابن العربي وقيل خمسمائة آية وعليه ألف مقاتل بن سليمان كتابه، وهذا ذكره الغزالي و الرازي والأصوليون من الشافعية وغيرهم، وقيل مائتا آية قاله الصنعاني. وقيل مائة وخمسون آية. قاله ابن القيم. وقيل غير ذلك، والصحيح أنها غير محصورة، ولا يمكن ادعاء حصرها. ولعل مراد من حصر الآيات هو الصريح منها فقط
وتتميز آي القرآن بأنها تحوي معان جامعة وقواعد نافعة في الأحكام تنير الطريق للمستدل وتأخذ بيده للحكم وفق قواعد جامعة، ومن ذلك: ما ذكره العلماء أن قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، جمع أصول أحكام الشريعة كلها، فجمع الأمر، والنهي، والإباحة، والتخيير
أولهما:
ما صُرَّح به في الأحكام، وهو كثير كقوله تعالى:{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْصِّيَامُ } إلى قوله: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْشَهْرَ فَلْيَصُمْهُ {
]البقرة/183] وعامة أحكام القُرْآن العظيم من هذا النوع، ومثال ذلك: غالب أحكام سورة البقرة، والنساء، والمائدة.
***************************************
وثانيهما: ما يؤخذ بطريق الاستنباط، والتأمل، وهو على قسمين أيضاً:
أولا:
ما يُسْتَنْبَطُ من الآية مباشرة، بدون ضَمِّ آية أخرى لها؛ وذلك نحو استنباط تحريم الاستمناء من قوله تعالى:
{ وَالَّذِيْنَ هُم لفُرُوجِهِم حافِظون إلاّ على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَهُمْ غَيْرُ مَلُوْمِيْنَ فَمَنْ أبْتَغَي وَرَاءَ ذَ لِكَ فَاؤلَئِكَ هُمُ الْعَادُوْنَ } [ المؤمنون /5-77 ]
وكاستنباط صحة صوم من أصبح جُنباً، من قوله تعالى: { فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }
[ البقرة: 187 [.
ثانيا:
ما يُسْتَنْبَطُ بِضَمِّ الآية إلى غيرها، سواء لآية أخرى،أو لحديث نبوي، ومنه استنباط علي بن أبي طالب ، وابن عباس ،
أن أقل الحمل ستة أشهر؛ من قوله تعالى: { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُوْنَ شَهْرَاً } ] الأحقاف / 15 ] مع قوله تعالى:
{ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ }
ومنه استنباط أن التطهر المراد بقوله تعالى { فَإِذَا تَطّهَرْنَ } [ البقرة /222 ]؛ وقوله: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوْا } [ المائدة: 6 ] هو الاغتسال المذكور في قوله تعالى:{ وَلاَ جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِيْ سَبِيْلٍ حَتَّى تَغتَسِلُوْا } [ النساء: 43 ]؛؛ وبناءً على هذا؛ فإن آيات الأحكام أكثر من أن تُحْصَر بعدد معين، وهذا ضَرْبٌ مِنْ إعجاز القُرْآن الكريم،
وروى البيهقي في سننه الكبرى، باب ما جاء في أقل الحمل (برقم/15325): عن عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يقول: (( إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرين شهراً، وإذا وضعت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرين شهراً، وإذا وضعت ستة أشهر كفاها من الرضاع أربعة وعشرين شهراً؛ كما قال الله عز وجل – يعني قوله: وحمله وفصاله ثلاثون شهراً
وهناك ما يُسْتَنْبَطُ من الآية مباشرة، بدون ضَمِّ آية أخرى لها؛ وذلك نحو استنباط تحريم الاستمناء من قوله تعالى: { وَالَّذِيْنَ هُم لفُرُوجِهِم حافِظون إلاّ على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَهُمْ غَيْرُ مَلُوْمِيْنَ فَمَنْ أبْتَغَي وَرَاءَ ذَ لِكَ فَاؤلَئِكَ هُمُ الْعَادُوْنَ } [ المؤمنون /5-77 ]
وكاستنباط صحة صوم من أصبح جُنباً، من قوله تعالى: { فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }
[ البقرة: 187[.
ومنهجنا فى هذه القناة سيكون بمشيئة الله عبارة عن عرض الاحكام الفقهية واستنباطها من الايات مقسما على ارباع القران الكريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق