🍃سورة الفاتحة 🍃
المسألة الأولى
قراءة الفاتحة
في عقد النكاح وعند ركوب الدابة والسفر، وعند التعزية، أو عند البيع والشراء
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا
يقرؤون الفاتحة عند عقد النكاح، أو عند التعزية، أو عند عقد صفقات البيع والشراء،
ولو كان هذا خيراً لسبقونا إليه.
قال الحافظ ابن
كثير رحمه الله :
"أهل السنة
والجماعة يقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ؛ لأنه لو كان خيرا
لسبقونا إليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها"
انتهى ." تفسير ابن كثير" (7/278-279).
فلو كانت قراءة
الفاتحة في هذه المناسبات من الدين لسبقنا إليها أسبق الناس إلى كل خير ، وأعرف
الناس بكل فضل، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وقد سئل الشيخ
ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم قراءة الفاتحة عند عقد الزواج حتى قد أصبح البعض
يطلق عليها قراءة الفاتحة وليس العقد فيقول: قرأت فاتحتي على فلانة، هل هذا مشروع
؟
فأجاب:
"هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة، وقراءة الفاتحة أو غيرها من
السور المعينة لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع، فإن قرئت في غير الأماكن
تعبداً فإنها تعتبر من البدع، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرؤون الفاتحة في كل
المناسبات حتى إننا سمعنا من يقول : اقرءوا الفاتحة على الميت، وعلى كذا وعلى كذا،
وهذا كله من الأمور المبتدعة والمنكرة ؛ فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي
حال وفي أي مكان وفي أي زمان إلا إذا كان ذلك مشروعاً بكتاب الله أو بسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم ، وإلا فهي بدعة ينكر على فاعلها " انتهى ."فتاوى
نور على الدرب" (10/95).
وقال أيضا:
"قراءة الفاتحة عند التعزية بدعة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعزي
بقراءة الفاتحة أبدا، ولا غيرها من القرآن " انتهى . "مجموع فتاوى
ورسائل ابن عثيمين" (13/1283).
وقال الشيخ صالح
الفوزان
"البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة ؛ لأن
الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع شيء منها إلا بدليل ، وما لم يدل عليه دليل
فهو بدعة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه
البخاري (2697) ومسلم (1718).
والعبادات التي
تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدًّا، منها : الجهر بالنية للصلاة، ومنها الذكر
الجماعي بعد الصلاة، ومنها طلب قراءة الفاتحة في المناسبات وبعد الدعاء وللأموات...".
قلت: ولكل من هذه
الأشياء المذكورة وهي خطبة النكاح وركوب الدابة والسفر، والبيع والشراء وحضور
الأموات ذكر خاص به أو دعاء ولكن الناس قد استبدلوا ذلك جهلا منهم بقراءة الفاتحة،
وإذا وقع ذلك فإنه يكون بدعة وتغيير لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*******************************************************************************
المسألة
الثانية
هل البسملة آية
من الفاتحة ؟
المسألة مختلف
فيها بين أهل الفقه
فذهب جماعة إلى
أنها آية من الفاتحة واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا
قرأتُمُ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، فاقرؤوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ ، إنَّها أمُّ القرآنِ ، وأمُّ الكتابِ ، والسبعُ المثاني ، وبِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أحَدُ آياتِها الراوي: أبو هريرة المحدث: القرطبي
المفسر - المصدر: تفسير القرطبي - الصفحة أو الرقم: 1/145 خلاصة حكم المحدث: رفع هذا الحديث عبد الحميد بن
جعفر، وعبد الحميد هذا: وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن
سعيد، ويحيى بن معين. وأبو حاتم يقول
فيه: محله الصدق. وكان سفيان الثوري يضعفه، ويحمل عليه. ونوح بن أبي
بلال ثقة مشهور
وحديث: ( إذا قرأتُم فاتحةَ
الكتابِ فاقرءُوا بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ فإنها أمُّ القرآنِ والسبعُ المثانيَ
وبسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ إحدَى آياتِها) . الراوي: أبو
هريرة المحدث: ابن الملقن - المصدر: خلاصة البدر المنير–
الصفحة أو
الرقم: 1/119 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
والقول الثاني إلى أن البسملة ليست آيةً من الفاتحة، ولا من
غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلاً بين السور، علامة أن السورة
التي قبلها انتهت وأن التي بعدها سورة جديدة، هذا هو الصواب عند أهل العلم،
وترقيمها في بعض المصاحف أنها الأولى غلط، ليس بصواب، والصواب أنها ليست من
الفاتحة، وإنما أول الفاتحة الحمد لله رب العالمين، هذه الآية الأولى......،
وقوله: صراط الذين أنعمت عليهم هذه هي السادسة، غير المغضوب عليهم ولا الضالين هي
السابعة.
والتسمية بعض
آية من سورة النمل من قوله تعالى: { إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم }.
ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلاً بين السور، هذا هو الصواب الذي عند أهل العلم.
*******************************************************************************
المسألة
الثالثة
الجهر بالبسملة
في الصلاة
العلماء في
الجهر والإسرار بالبسملة على خلاف، والأولى عدم الجهر
لأن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه
كان لا يجهر بها
ثبت في الصحيحين من حديث أنس -رضي الله تعالى
عنه-قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم -وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة: بالحمد
لله رب العالمين
وفي رواية أهل السنن: لا يجهرون بـبسم الله
الرحمن الرحيم. فالمقصود أنهم يبدؤون بالحمدلة، الحمد لله رب العالمين، فدل ذلك
على أنهم كانوا يسرون ، يعني النبي -صلى الله عليه وسلم -والصديق وعمر ، كان يسرون
بالتسمية.
وجاء من طريق
أبي هريرة ما يدل على أنه قد يجهر بها لأنه جهر -رضي الله عنه -بالتسمية، ولما
صلّى قال:
إني أشبهكم صلاة
بالرسول -صلى الله عليه وسلم-فاحتج بهذا بعض الناس على أنه يجهر بها، ولكن ليس
حديثاً صريحاً بذلك، ولو ثبت التنصيص على ذلك فيحمل على أنه كان في بعض الأحيان،
والأكثر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر جمعاً بين الروايات.
والأفضل والأولى
عدم الجهر إلا إذا فعله الإنسان بعض الأحيان، جهر بها ليعلم الناس أنه يسمى،
وليعلم الناس أنها مشروعة أن يسمي الإنسان سراً بينه وبين ربه هذا حسن.
*******************************************************************************
المسألة
الرابعة
قراءة الفاتحة
في الصلاة
اختلف العلماء
في قراءة الفاتحة على أقوال متعددة:
القول الأول: أن الفاتحة لا
تجب لا على الإمام، ولا المأموم، ولا المنفرد، لا في الصلاة السرية، ولا الجهرية،
وأن الواجب قراءة ما تيسر من القرآن، ويستدلون بقول الله تعالى في سورة المزمل: {
فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم
للرجل: { اقرأ ما تيسر معك من القرآن}.
القول الثاني: أن قراءة
الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد، في الصلاة السرية والجهرية، وعلى
المسبوق وعلى الداخل في جماعة من أول الصلاة.
القول الثالث: أن قراءة
الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة على المأموم مطلقاً لا في السرية،
ولا في الجهرية.
القول الرابع: أن قراءة
الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، وركن في حق المأموم
في الصلاة السرية دون الجهرية.
والراجح عندي:
أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية
والجهرية، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً فإن قراءة الفاتحة تسقط عنه في هذه
الحال،
ويدل لذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: {
لا صـلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {من صلى صلاة لم
يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج} -بمعنى فاسدة- وهذا عام، ويدل لذلك أيضاً حديث
عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح فقال لأصحابه: {
لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟" قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا
إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها}، وهذا نص في الصلاة الجهرية
وأما سقوطها عن
المسبوق فدليله: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً،
فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه
وسلم من صلاته سأل عمن فعل ذلك، فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: {زادك الله حرصاً، ولا تعد}، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم
بإعادة الركعة التي أسرع من أجل ألا تفوته، ولو كان ذلك واجباً عليه لأمره به
النبي صلى الله عليه وسلم، كما أمر الذي يصلي بلا طمأنينة أن يعيد صلاته، هذا من
جهة الدليل الأثري
أما من جهة
الدليل النظري فنقول:
إن هذا الرجل
المسبوق لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، فلما لم يدرك المحل سقط ما يجب
فيه، بدليل أن الأقطع الذي تقطع يده لا يجب عليه أن يغسل العضد بدل الذراع، بل
يسقط عنه الفرض لفوات محله، كذلك تسقط قراءة الفاتحة على من أدرك الإمام راكعاً؛
لأنه لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، وإنما سقط عنه القيام هنا من أجل
متابعة الإمام.
فهذا القول عندي
هو الصحيح، ولولا حديث عبادة بن الصامت الذي أشرت إليه قبل قليل -وهو أن النبي صلى
الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح- لولا هذا لكان القول بأن قراءة الفاتحة لا
تجب على المأموم في الصلاة الجهرية هو القول الراجح؛ لأن المستمع كالقارئ في حصول
الأجر،
ولهذا قال الله تعالى لموسى:
{قَدْ أُجِيبَتْ
دَعْوَتُكُمَا}، مع أن الداعي موسى وحده، قال تعالى:
{ وَقَالَ مُوسَى
رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ
عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}،
فهل ذكر الله لنا أن هارون دعا؟ فالجواب لا، ومع
ذلك قال: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}، قال العلماء في توجيه التثنية بعد الإفراد:
إن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن.
وأما حديث أبي
هريرة الذي فيه: { من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة} فلا يصح؛ لأنه
مرسل كما قاله ابن كثير في مقدمة تفسيره، ثم إن هذا الحديث على إطلاقه لا يقول به
من استدل به، فإن الذين استدلوا به بعضهم يقول: إن المأموم تجب عليه القراءة في
الصلاة السرية فلا يأخذون به على الإطلاق.
فإن قيل: إذا
كان الإمام لا يسكت فمتى يقرأ المأموم الفاتحة؟
فنقول:
يقرأ الفاتحة
والإمام يقرأ؛ لأن الصحابة كانوا يقرءون مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ،
فقال: { لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها}.
*******************************************************************************
المسألة
الخامسة
قراءة الفاتحة
للأموات
نسمع بعضا من
الناس إذا زار القبور أو مات ميت يقول اقرأوا الفاتحة
والحق أن هذا
غير مشروع، وليس للقراءة على الميت أصل ، فلا يشرع أن يقرأ على الميت لا الفاتحة
ولا غيرها ،
الميت انقطع عمله بالموت، يقول النبي - صلى الله
عليه وسلم - : {إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم
ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له}. والولد يشمل الذكر والأنثى ،
إلا من علم خلفه للناس على يد تلاميذه فنشروه في
الناس، أو في كتب ألفها، أو اشتراها ووزعها بين الناس واستفادوا منها
أو صدقة جارية ،
أوقاف سبلها حتى يتصدق منها في وجوه الخير وفي المشاريع الخيرية ؛ كعمارة تؤجر ،
وجعلها وقفاً ، وتصرف أجورها في نفع المؤمنين ؛ كتعمير المساجد ، ومواساة الفقراء
، وإقامة المشاريع الخيرية، ونحو ذلك
أو ولد صالح يدعو له ، سواء كان ذكر أو بنت
أنثى.... فينبغي للولد ذكر كان أو أنثى أن يكثر من الدعاء لوالده ووالدته
بالمغفرة والرحمة ، وتكفير السيئات ، وبالمنازل العالية ، هكذا ينبغي للذكر أو
الأنثى أن يدعوا لوالديهما.
أما قراءة الفاتحة فلا أصل لها ، لا يقرأ
الفاتحة ولا غير الفاتحة ، هذا ليس مشروعاً ، ولا يقرأ للأموات الفاتحة ولا غيرها
، هذا هو الصواب
بعض أهل العلم يقول يلحق الثواب للميت، ولكن ليس
عليه دليل ، فالأفضل ترك ذلك ، والأحوط ترك ذلك، وأن يستعمل الدعاء، والصدقة ،
والحج عن الميت ، والعمرة كذلك، كل هذا ينفعه.
*******************************************************************************
المسألة السادسة
التأمين على
قراءة الفاتحة
التأمين على
قراءة الفاتحة ثبت به النص، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
{إذا أمن الإمام
فأمنوا، وفي لفظ { إذا قرأ : ولا الضالين فقولوا آمين}، والسنة فيه الجهر بالتأمين
على الفاتحة.
ومعنى:
"آمين" اللهم استجب، والله عز وجل قال في الحديث القدسي: "قسمت
الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى:
حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم
الدين، قال: مجدني عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين
عبدي نصفين، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، إلى آخره قال: هذا لعبدي ولعبدي ما
سأل"، إذن يكون قول الإمام: اهدنا الصراط المستقيم، دعاء والمأموم مستمع
فالمشروع في حقه أن يؤمن.
*****************************************************************************
المسألة السابعة
متى يكون
التأمين من المأموم في الصلاة الجهرية
هل التأمين في
الصلاة الجهرية يكون مع تأمين الإمام، أم الانتظار حتى يؤمن الإمام ثم يؤمن
المأمون؟
روى أبو هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه
تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» (*)،
وقال ابن شهاب: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: «آمين» (*) رواه الجماعة إلا أن الترمذي لم يذكر قول ابن شهاب،
وفي رواية: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين؛ فإن
الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر
له ما تقدم من ذنبه» (*) رواه أحمد والنسائي.
وما رواه أبو
هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قال: «آمين» حتى يسمع من يليه من
الصف الأول (*) رواه أبو داود، وابن ماجه، وقال: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج
بها المسجد.
وما رواه وائل
بن حجر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: {غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال: «آمين»
يمد فيها صوته (*) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وبهذه الأحاديث
يتضح لك أن المشروع للمأمومين أن يؤمنوا إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة: 7] سواء أمن الإمام أم لم يؤمن وأن التأمين سنة في حق الجميع ولا يلزمهم
مراعاة تأمين الإمام.
*******************************************************************************
المسألة
الثامنة
الرقية
والاستشفاء بالفاتحة
سورة الفاتحة
يُرقى بها، ويُستشفى بها من المرض، ومن العين والحمى، ولدغ الحية والعقرب، ومن كل
داء وسم
ولذا فإن من
أسمائها : الشفاء والشافية والرقية والواقية والكافية .
أخرج الإمام
مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : نزلنا منزلا، فأتتنا امرأة،
فقالت : إن سيد الحي سليم (لدغ) فهل فيكم من راق ؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه
يحسن رقية، فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوه غنمًا، وسقونا لبنًا، فقلنا : أكنت
تحسن رقية ؟ فقال : ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال : قلت : لا تحركوها (أي:
الغنم) حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا
ذلك له، فقال : «ما كان يدريه أنها رقية ؟! اقسموا، واضربوا لي بسهم معكم» (صحيح
مسلم وفي البخاري) .
وفي رواية
البخاري : أن الرجل أمر له بثلاثين شاة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
«خذوها واضربوا لي بسهم»
(البخاري ومسلم) .
وفي البخاري
وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن أحق ما
أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» أي : على قراءته في الرقية، على ألا يمتهن الإنسان
ذلك ويتخذها وسيلة للتكسب، ومعاودة الرقية وبيع الماء والزيت والعسل وغير ذلك،
وعلى ألا يختلي بمن يرقيها من النساء، ولا ينظر إلى ما لا يحل له النظر إليه، كأن
ينفث مباشرة في صدر المرأة مثلًا .
وفي رواية أبي
داود في حديث الرقية أن الراقي : أخذ يتفل على سيد الحي، ويقرأ
:
"الْحَمْدُ للّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ" أي : سورة الفاتحة، قال : فكأنما أنشط من عقال .
وفي رواية
الترمذي : أن أبا سعيد هو الذي رقاه : وأنه قرأ سورة "الْحَمْدُ" سبع
مرات
.
وكان أبو سعيد
ضمن نفر من الصحابة في سفر، وقد نزلوا هذا الحي، فأبى أهله أن يضيفوهم، فلدغ سيد
هذا الحي، وبحثوا له عن راقٍ أو علاج، فأبى أبو سعيد أن يرقيه إلا بأجر؛ جزاء
بخلهم وعدم استضافتهم لهم (ينظر: طرق الحديث وروايته في «جامع الأصول» (7/566)
حديث رقم (5720)) .
قال تعالى :
"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا" [الإسراء: 82] .
والمراد بالظالم
: الكافر، فهو الذي لا ينتفع بالقرآن ولا يستفيد منه؛ لأن الله تعالى جعل هذا
القرآن شفاءً ورحمة للمؤمنين لا لغيرهم، كما قال تعالى : "فِيهِ هُدًى
لِّلْمُتَّقِين" [البقرة: 2] .
وقال سبحانه :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء
لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ" [يونس: 57]
.
وقال جل شأنه :
"قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى" [فصلت: 44].
******************************************************************
******************************************************************
🍃سورة البقرة 🍃
نظرا لعدم وجود
أحكام فقهية في الربع الأول فإننا نذكر بعضا من الفضائل العامة لسورة البقرة
1) قارئها أمير على غيره:
عن أبي هريرة
-رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثًا وهمذوو عدد فاستقرأهم
فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل منهم من أحدثهم سنًا، فقال:
«ما معك يا فلان» قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، قال: «أمعك سورة البقرة؟»
قال: نعم. قال:
«فاذهب فأنت أميرهم»
، فقال رجل من
أشرافهم: والله يا رسول اللَّه ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية
ألا أقوم بها، فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: «تعلموا القرآن فاقرأوه وأقرئوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به
كمثل جراب محشو مسكًا يفوح بريحه كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل
جرابٍ, وكئ على مسك».أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه النسائي وابن ماجه
وابن حبان في صحيحه وابن خزيمة في صحيحه
إعلاء لمكانة
حافظ القرآن وخاصة سورة البقرة فقد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- أميرًا على
قومه وهو أصغرهم سنًا، وذلك حينما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرسل جيشًا
فطلب من كل واحد منهم أن يقرأ ما يحفظه من القرآن، فقال النبي -صلى الله عليه
وسلم- لرجل من أصغرهم سنًا: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، فقال
النبي -صلى الله عليه وسلم-:
«أمعك سورة البقرة؟» قال: نعم. قال: فاذهب فأنت أميرهم، وهذا
تشريع من النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلينا أن نقتدي به.
2) سورة البقرة سنام القرآن
وطاردة للشيطان:
عن عبد اللَّه
بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
«إن لكل شيء سنامًا،
وسنام القرآن سورة البقرة ، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي
يقرأ فيه سورة البقرة».(أخرجه الحاكم في كتاب فضائل القرآن وقال: صحيح الإسناد
وأقره الذهبي فقال: صحيح، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب في تعظيم القرآن،
والحديث ذكره الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (588) وقال: أخرجه
الحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وهو عندي حسن ).
قال العلامة
المباركفوري في «تحفة الأحوذي» 8/146: قوله -صلى الله عليه وسلم-:
«لكل شيء سنام» بفتح السين أي رفعة وعلو استعير من سنام الجمل
ثم كثر استعماله فيها حتى صار مثلاً، ومنه سميت سورة البقرة سَنام القرآن قاله
الطيبي. وقال ابن الأثير في النهاية: سَنَام كل شيء أعلاه.
وقوله-صلى الله عليه وسلم-: «وإن سنام القرآن سورة البقرة» إما
لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة أو لما فيها من الأمر بالجهاد وبه الرفعة
الكبيرة
.
قوله: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر» أي خالية من
الذكر و الدعاء فتكون كالمقابر وتكونون كالموت ى فيها، أو معناه لا تدفنوا
موتاكم فيها، ويدل على المعنى الأول قوله: «وإن البيت الذي تقرأ البقرة فيه لا
يدخله الشيطان»، هذه رواية الترمذي، أما رواية مسلم الأولى ففيها: «إن
الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة
وفي حديث سهل بن
سعد عند ابن حبان: « من قرأها -يعني سورة البقرة- ليلاً لم يدخل الشيطان
بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهارًا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام»، وخص
سورة البقرة بذلك لطولها وكثرة أسماء اللَّه –تعالى
-
والأحكام فيها.
وقد قيل فيها
ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر. كذا في المرقاة.
وفي هذا الحديث
ترغيب في تلاوة القرآن في البيوت وخصوصًا سورة البقرة .
وقد رويت كلمة
«ينفر» و«يفر» في الروايتين السابقتين وكلاهما صحيح.
3) نادى النبي -صلى الله
عليه وسلم- أصحابه بها:
عن كثير بن عباس
عن أبيه قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين ورسول اللَّه -صلى الله
عليه وسلم- على بغلته التي أهداها له الجذامي (فروة بن عمرو بن النافرة) فلما ولى
المسلمون قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عباس ناد قل: يا أصحاب
السَّمرة (هي الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان) يا أصحاب سورة البقرة»،
وكنت رجلاً صيتًا (شديد الصوت عاليه)
فقلت: يا أصحاب
السمرة، يا أصحاب سورة البقرة، فرجعوا عطفةً كعطفة البقرة على أولادها، وارتفعت
الأصوات وهم يقولون: معشر الأنصار، معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على ابن الحارث
بن الخزرج قال: وتطاول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على بغلته فقال: «هذا
حين حمي الوطيس» (كناية عن شدة الأمر واضطرام الحرب) وهو يقول: «قدمًا يا عباس»،
ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حصيات فرمى بهن ثم قال: «انهزموا ورب
الكعبة». رواه الإمام أحمد واللفظ له ومسلم والبيهقي.
قال العلماء:
ركوبه -صلى الله عليه وسلم- البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في
الشجاعة والثبات ، ولأنه يكون معتمدًا يرجع إليه المسلمون وتطمئن قلوبهم به
وبمكانه وإنما فعل هذا عمدًا، وإلا فقد كان له -صلى الله عليه وسلم- أفراس معروفة،
وقد أخبر الصحابة -رضي الله عنهم- بشجاعته -صلى الله عليه وسلم- في جميع المواطن
وكونه -صلى الله
عليه وسلم- يأمر العباس أن ينادي على من فر يوم حنين ويذكر من حفظ منهم سورة
البقرة بأنه لا ينبغي لمن حفظ منهم هذه السورة أن يفر ويترك ساحة القتال لعظم هذه
السورة وما اشتملت عليه من الإيمان واليقين بالله والأمر بقتال أعداء اللَّه في
قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}[البقرة: 193].
فكون النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر العباس أن
ينادي بها فهذا دليل على عظمة هذه السورة
وفي هذا المعنى
من المراسيل: عن طلحة بن مصرف اليامي قال: لما انهزم المسلمون يوم حنين نودوا: يا
أصحاب سورة البقرة ، فرجعوا ولهم خنين (يعني بكاء).
مرسل رجاله ثقات.
وفي هذا المعنى
من الموقوفات: «عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان شعار أصحاب النبي -صلى الله عليه
وسلم- يوم مسيلمة: يا أصحاب سورة البقرة». أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور
وإسناده صحيح.
4) تنزل الملائكة لقراءتها:
عن أسيد بن حضير
قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس، فسكت
فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكنت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه
يحيى قريبًا منها فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه في السماء حتى ما يراها،
فلما أصبح حدث النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: فأشفقت يا رسول اللَّه أن تطأ
يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي فانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل
الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها، قال: «وتدري ما ذاك». قال: لا. قال: «تلك الملائكة
دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم». أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وابن حبان والحاكم
وقد وقع نحو من
هذا لثابت بن قيس بن شمَّاس -رضي الله عنه-، وذلك فيما رواه أبو عبيد عن جرير بن
يزيد - أن أشياخ أهل المدينة حدَّثوه «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قيل له:
ألم تر ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح. قال: «فلعله قرأ
سورة البقرة ». قال: (فسُئل ثابت) فقال: قرأت سورة البقرة ».
قال ابن كثير :
وهذا إسنادٌ جيدٌ إلا أن فيه إبهامًا، ثم هو مرسل، والله أعلم
لكلام اللَّه
-تعالى- فضيلة، ولتلاوته سكينة وطمأنينة ورهبة ولتدبره خشوع وخضوع ولذة، لقد قال
كافرهم حين سمعه: والله إن له لحلاوة إن عليه لطلاوة، وإن أعلاه
لمثمر، وإن أسفله لمغدق،
وكل كلام يعاد ويتكرر يمل ويضعف إلا القرآن لا
يَخلَق على كثرة الرد، ولا يشبع منه العلم اء، يزيده حلاوة وطراوة صوت حسن، وتلاوة
دقيقة رقيقة، وإذا كان هذا أثره في البشر فما بالنا بأثره في ملائكة اللَّه؟
لقد كان أسيد بن
حضير الصحابي الجليل ذو الصوت الحسن الرقيق يقرأ سورة البقرة في منزله في جوف
الليل وقد ربط فرسه في مربطه بحبل مزدوج، لأنه فرس جموح ونام ابنه يحيى على الأرض
قريبًا من الفرس، وجلس أسيد أو قام يصلي في مكان قريب من ابنه، في حائط صغير يتخذ
مخزنًا للتمر يجفف فيه ويحفظ، وما كان لهم بيوت بحجرات ولا فرش وأسرة، وفي هدوء
الليل وروعته تجلجل صوت أسيد بن حضير بالقرآن الكريم وسورة البقرة ، وسمعت ملائكة
اللَّه الصوت الرقيق يقرأ سورة البقرة ، فتنزلت له من قرب، حتى دنت من الفرس،
ورآها الفرس كأن سحابة تهبط عليه فنفر وأخذ يضرب الأرض بقوائمه ويشيح ذات اليمين
وذات الشمال
بعنقه ورأسه ويحاول الجري والفرار خوفًا ورعبًا،
سكت أسيد عن القراءة فهدأ الفرس، وسكن كأن السحابة تلاشت حين سكت، فقرأ فنفر
الفرس، وسكت فسكن الفرس فقرأ فهاجت، عجبًا يرى ظلة فيها مصابيح تدنو وتقرب والفرس
يُحس بها ويراها وينفر، والولد قريب من الفرس، يخشى عليه أن تطأه بحوافرها أثناء
جموحها، لقد دفعته عاطفة الأبوة أن يرفع ولده ويبعده عن الفرس ثم يعود للقراءة،
لكنه -واأسفاه- ما إن قام نحو ابنه حتى رأى الظلة تعرج وتمضي نحو السماء حتى اختفت
عن ناظريه، فأصبح يحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا
الأمر العجيب، فقال له -صلى الله عليه وسلم- «ليتك مضيت في القراءة حتى الصباح،
إنها السكينة والملائكة جاءت تستمع لقراءتك، ولو بقيت حتى الصباح تقرأ لبقيت
مشغولة بالسماع لا تتستر حتى يراها الناس».
5) تعظيم الصحابة لها:
عن هشام بن عروة
عن أبيه أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في
الركعتين كلتيهما. (أخرجه الإمام مالك في كتاب الصلاة والطحاوي في شرح معاني
الآثار وإسناده صحيح).
وعن أنس بن مالك
– رضي الله عنه- أن أبا بكر قرأ في صلاة الصبح بالبقرة فقال له
عمر حين فرغ
كادت الشمس أن
تطلع، قال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.(أخرجه ابن أبي
شيبة في المصنف وعبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في السنن الكبرى، وذكره ابن حجر في
فتح الباري وقال: رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح
عن عبد اللَّه
بن مسعود -رضي الله عنه- أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى جعل البيت عن يساره، ومنى عن
يمينه، ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة
رواه البخاري ومسلم
وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
قال ابن المنير:
خص عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله عنه- سورة البقرة بالذكر ، لأنها التي ذكر فيها
الرمي فأشار بذلك إلى أن فعله -صلى الله عليه وسلم -
مبين لمراد اللَّه –تعالى-.
قال ابن حجر:
ولم أعرف موضع ذكر الرمي من سورة البقرة، والظاهر أنه أراد أن يقول: إن كثيرًا من
أفعال الحج مذكورة فيها منبهًا بذلك على أن أفعال الحج توقيفية وقيل: خص البقرة
بذلك لطولها وعظم قدرها وكثرة ما فيها من الأحكام، أو أشار بذلك إلى أنه يشرع
الوقوف عندها بقدر سورة البقرة،
وفي هذا الحديث بيان لما كان عليه الصحابة –رضي الله عنهم- من مراعاة حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل
حركة وهيئة، ولا سيما في أعمال الحج .
وصلى الله وسلم
على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق