الخميس، 19 أبريل 2018

الجزء العاشر - الربع السادس - التفسير والمعاني







( وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )
التوبة (46)

ولو أراد المنافقون الخروج معك -أيها النبي- إلى الجهاد لتأهَّبوا له بالزاد والراحلة، ولكن الله كره خروجهم فثَقُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا، وإن كان أمرهم به شرعا، وقيل لهم: تخلفوا مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء والصبيان.

السؤال : ما علامة الصدق في إرادة العبادة؟
أي: لو أرادوا الجهاد لتأهبوا أهبة السفر؛ فتركهم الاستعداد دليل على إرادتهم التخلف.
(القرطبي:10/229.)
*********************************************************
( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ )
التوبة (47)

لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد، ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء، يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله، وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم، وينقلونها إليهم. والله عليم بهؤلاء المنافقين الظالمين، وسيجازيهم على ذلك.

السؤال : هل خطر النفاق خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وضح ذلك
فأخبر أن في المؤمنين من يستجيب للمنافقين، ويقبل منهم، فإذا كان هذا في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- كان استجابة بعض المؤمنين لبعض المنافقين فيما بعده أولى
(ابن تيمية:3/374.)
*********************************************************

( لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ )
التوبة (48)

لقد ابتغى المنافقون فتنة المؤمنين عن دينهم وصدهم عن سبيل الله من قبل غزوة (تبوك)، وكشف أمرهم، وصرَّفوا لك -أيها النبي- الأمور في إبطال ما جئت به، كما فعلوا يوم (أحد) ويوم (الخندق)، ودبَّروا لك الكيد حتى جاء النصر من عند الله، وأعز جنده ونصر دينه، وهم كارهون له.

السؤال : مكر المنافقين ومكائدهم كبيرة مع أن مصيرها إلى الفشل، وضح ذلك؟
(وقلَّبوا لك الأمور) أي: أداروا الأفكار، وأعملوا الحيل في إبطال دعوتكم وخذلان دينكم، ولم يقصروا في ذلك، (حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون) فبطل كيدهم، واضمحل باطلهم، فحقيق بمثل هؤلاء أن يحذِّر الله عباده المؤمنين منهم.
(السعدي:339.)
*********************************************************

( وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ )
التوبة (49)

ومِن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعْني في الابتلاء بما يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق الكبرى. فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر، فلا يُفْلِت منهم أحد.

السؤال : للمنافقين مقاييس في المعصية تختلف عن مقاييس المؤمنين، وضحها؟
فإنه على تقدير صدق هذا القائل في قصده، فإن في التخلف مفسدة كبرى، وفتنة عظمى محققة؛ وهي معصية الله، ومعصية رسوله، والتجرؤ على الإثم الكبير، والوزر العظيم، وأما الخروج فمفسدة قليلة بالنسبة للتخلف، وهي متوهمة، مع أن هذا القائل قصده التخلف لا غير.
(السعدي:339.)
*********************************************************

( إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ )
التوبة (50)

إن يصبك -أيها النبي- سرور وغنيمة يحزن المنافقون، وإن يلحق بك مكروه من هزيمة أو شدة يقولوا: نحن أصحاب رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا عن محمد، وينصرفوا وهم مسرورون بما صنعوا وبما أصابك من السوء.
*********************************************************

( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
التوبة (51)

قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ، هو ناصرنا على أعدائنا، وعلى الله، وحده فليعتمد المؤمنون به.
*********************************************************

( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ )
التوبة (52)

قل لهم -أيها النبي-: هل تنتظرون بنا إلا شهادة أو ظفرًا بكم؟ ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة مِن عنده عاجلة تهلككم أو بأيدينا فنقتلكم، فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بكل فريق منا ومنكم.
*********************************************************

( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ )
التوبة (53)

قل -أيها النبي- للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم، وعلى أي حال شئتم طائعين أو كارهين، لن يقبل الله منكم نفقاتكم؛ لأنكم قوم خارجون عن دين الله وطاعته.
*********************************************************

( وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ )
التوبة (54)

وسبب عدم قَبول نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون، ولا ينفقون الأموال إلا وهم كارهون، فهم لا يرجون ثواب هذه الفرائض، ولا يخشون على تركها عقابًا بسبب كفرهم.

السؤال : قد يكون للمنافقين أعمال حسنة، فما الذي منعهم من الإفادة منها في الآخرة؟
أفعال الكافر إذا كانت براً؛ كصلة القرابة، وجبر الكسير، وإغاثة الملهوف؛ لا يثاب عليها، ولا ينتفع بها في الآخرة، بيد أنه يطعم بها في الدنيا.
(القرطبي:8/161.)

السؤال : ما الصورة المثلى لإقامة الصلاة، وتقديم الصدقات؟
ففي هذا غاية الذم لمن فعل مثل فعلهم، وأنه ينبغي للعبد أن لا يأتي الصلاة إلا وهو نشيط البدن والقلب إليها، ولا ينفق إلا وهو منشرح الصدر، ثابت القلب، يرجو ذخرها وثوابها من الله وحده.
(السعدي:340.)

السؤال : ما السبب في عدم قبول صدقة المنافق؟
لأنهم يعدونها مغرماً، ومنعها مغنماً، وإذا كان المرء كذلك؛ فهي غير متقبلة، ولا مثاب عليها.
(القرطبي:10/239.)
*********************************************************

( فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ )
التوبة (55)

فلا تعجبك -أيها النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم، إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي تقع فيها، حيث لا يحتسبون ذلك عند الله، وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم بالله ورسوله.

السؤال : كيف تكون أموال المنافقين وأولادهم سبباً لكفرهم بالله العظيم؟
فلا تعجبك أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم؛ فإنه لا غبطة فيها...ومن وبالها العظيم الخطر: أن قلوبهم تتعلق بها، وإراداتهم لا تتعداها؛ فتكون منتهى مطلوبهم، وغاية مرغوبهم، ولا يبقى في قلوبهم للآخرة نصيب، فيوجب ذلك أن ينتقلوا من الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون.
(السعدي:340.)

السؤال : هل كثرة المال والولد والنعيم تدل دائما على رضى الله سبحانه عن الإنسان؟
وهكذا كل مَن أراد استدراجه سبحانهُ؛ فإنه في الغالب يكثِّرُ أموالهم وأولادهم لنحو هذا؛ لأنهم إذا رأوا زيادتهم  بها على بعض المُخلِصِين ظنوا أن ذلك إنما هو لكرامتهم، وحسن حالتهم، فيستمرون عليها حتى يموتوا, فهو سبحانهُ لم يرد بها منحتهم، بل فتنتهم ومحنتهم.
(البقاعي:3/334.)
*********************************************************

( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ )
التوبة (56)

ويحلف هؤلاء المنافقون بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا إنهم لمنكم، وليسوا منكم، ولكنهم قوم يخافون فيحلفون تَقِيَّة لكم.
*********************************************************

( لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ )
التوبة (57)

لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم، أو كهفًا في جبل يؤويهم، أو نفقًا في الأرض ينجيهم منكم، لانصرفوا إليه وهم يسرعون.
*********************************************************

( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ )
التوبة (58)

ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات، فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا، وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك.

السؤال : الرق والعبودية في الحقيقة هي عبودية القلب، بين ذلك من خلال الآية الكريمة؟
فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا برئاسة، أو بصورة، ونحو ذلك من أهواء نفسه: إن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط؛ فهذا عبد ما يهواه من ذلك، وهو رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته، فما استرق القلب واستعبده فهو عبده.
(ابن تيمية:3/380.)
*********************************************************

( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ )
التوبة (59)

ولو أن هؤلاء الذين يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله ورسوله لهم، وقالوا: حسبنا الله، سيؤتينا الله من فضله، ويعطينا رسوله مما آتاه الله، إنا نرغب أن يوسع الله علينا، فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان خيرًا لهم وأجدى.

*********************************************************
مع بعض التوجيهات



*********************************************************
مع التفسير للدكتور/إبراهيم الشربيني










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق