الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

الجزء الرابع - الربع الأول - التفسير و المعاني



 ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
آل عمران (93)
كل الأطعمة الطيِّبة كانت حلالا لأبناء يعقوب عليه السلام إلا ما حرَّم يعقوب على نفسه لمرض نزل به، وذلك مِن قبل أن تُنَزَّل التوراة. فلما نُزِّلت التوراة حرَّم الله على بني إسرائيل بعض الأطعمة التي كانت حلالا لهم؛ وذلك لظلمهم وبغيهم. قل لهم -أيها الرسول-: هاتوا التوراة، واقرؤوا ما فيها إن كنتم محقين في دعواكم أن الله أنزل فيها تحريم ما حرَّمه يعقوب على نفسه، حتى تعلموا صدق ما جاء في القرآن من أن الله لم يحرم على بني إسرائيل شيئًا من قبل نزول التوراة، إلا ما حرَّمه يعقوب على نفسه.

السؤال : اذكر دليلاًً من هذه الآية على نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام؟
قال الزجاج: في هذه الآية أعظم دلالة لنبوة محمد نبينا ؛ أخبرهم أنه ليس في كتابهم، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة فأبوا؛ يعني عرفوا أنه قال ذلك بالوحي.
(القرطبي: 5/204-205.)
*****************************************
 ( فَمَنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
آل عمران (94)
فمَن كذب على الله من بعد قراءة التوراة ووضوح الحقيقة، فأولئك هم الظالمون القائلون على الله بالباطل.
*****************************************
 ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
آل عمران (95)
قل لهم -أيها الرسول- صَدَق الله فيما أخبر به وفيما شرعه. فإن كنتم صادقين في محبتكم وانتسابكم لخليل الله إبراهيم عليه السلام فاتبعوا ملَّته التي شرعها الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فإنها الحق الذي لا شك فيه. وما كان إبراهيم عليه السلام من المشركين بالله في توحيده وعبادته أحدًا.
*****************************************
 ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ )
آل عمران (96)
إن أول بيت بُني لعبادة الله في الأرض لهو بيت الله الحرام الذي في "مكة"، وهذا البيت مبارك تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل فيه الرحمات، وفي استقباله في الصلاة، وقصده لأداء الحج والعمرة، صلاح وهداية للناس أجمعين.
السؤال : لماذا كانت أولية الكعبة على بقية المساجد موجبة لتفضيلها؟
وإنما كانت الأولية موجبة التفضيل؛ لأن مواضع العبادة لا تتفاضل من جهة العبادة -إذ هي في ذلك سواء- ولكنها تتفاضل بما يحف بذلك من طول أزمان التعبد فيها، وبنسبتها إلى بانيها، وبحسن المقصد في ذلك
(ابن عاشور: 4/15.)

السؤال : بيّن بعض مظاهر البركة في البيت الحرام؟
أي كثير الخير لما أنه يضاعف فيه ثواب العبادة ... وقيل: لأنه يغفر فيه الذنوب لمن حجه وطاف به واعتكف عنده. و ... يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله تعالى: (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) [القصص: 57]، وقيل: بركته دوام العبادة فيه ولزومها.
(الألوسي: 4/5.)
*****************************************
  (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
آل عمران (97)
في هذا البيت دلالات ظاهرات أنه من بناء إبراهيم، وأن الله عظَّمه وشرَّفه، منها: مقام إبراهيم عليه السلام، وهو الحَجَر الذي كان يقف عليه حين كان يرفع القواعد من البيت هو وابنه إسماعيل، ومن دخل هذا البيت أَمِنَ على نفسه فلا يناله أحد بسوء. وقد أوجب الله على المستطيع من الناس في أي مكان قَصْدَ هذا البيت لأداء مناسك الحج. ومن جحد فريضة الحج فقد كفر، والله غني عنه وعن حجِّه وعمله، وعن سائر خَلْقه.

السؤال : عدد بعض آيات البيت الحرام؟
(فيه آيات بينات): آيات البيت كثيرة: منها: الحجر الذي هو مقام إبراهيم، وهو الذي قام عليه حين رفع القواعد من البيت، فكان كلما طال البناء ارتفع به الحجر في الهواء حتى أكمل البناء، وغرقت قدم إبراهيم في الحجر كأنها في طين، وذلك الأثر باق إلى اليوم. ومنها: أن الطيور لا تعلوه، ومنها: إهلاك أصحاب الفيل، ورد الجبابرة عنه، ونبع زمزم لهاجر أم إسماعيل بهمز جبريل بعقبه، وحفر عبد المطلب بعد دثورها، وأن ماءها ينفع لما شرب له، إلى غير ذلك.
(ابن جزي: 1/153.)
السؤال : ما المقصود بالكفر في حق من لم يحج؟
من لم يحجه مع الاستطاعة كفر بالنعمة إن كان معترفاًً بالوجوب, وبالمروق من الدين إن جحد
(البقاعي: 2/128.)

السؤال : هل في كل أوامر الله لنا حكمة؟ وهل يلزم أن نعرف هذه الحكمة؟
أفعال الله تعالى وأحكامه لا بد فيها من حكمة ومصلحة، وهو مسلم، لكن لا نسلم أنه لا بد أن تظهر هذه المصلحة لنا؛ إذ الحكيم لا يلزمه إطلاع من دونه على وجه الحكمة.
(الألوسي: 4/11.)
*****************************************
 ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ )
آل عمران (98)
قل -أيها الرسول- لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: لِمَ تجحدون حجج الله التي دلَّتْ على أن دين الله هو الإسلام، وتنكرون ما في كتبهم من دلائل وبراهين على ذلك، وأنتم تعلمون؟ والله شهيد على صنيعكم. وفي ذلك تهديد ووعيد لهم.
*****************************************
 ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
آل عمران (99)
قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: لِمَ تمنعون من الإسلام من يريد الدخول فيه تطلبون له زيغًا وميلا عن القصد والاستقامة، وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به هو الحق؟ وما الله بغافل عما تعملون، وسوف يجازيكم على ذلك.
*****************************************
 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ )
آل عمران (100)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تطيعوا جماعة من اليهود والنصارى ممن آتاهم الله التوراة والإنجيل، يضلوكم، ويلقوا إليكم الشُّبَه في دينكم؛ لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأمنوهم على دينكم، ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مشورة.
*****************************************
 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ )
آل عمران (100)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تطيعوا جماعة من اليهود والنصارى ممن آتاهم الله التوراة والإنجيل، يضلوكم، ويلقوا إليكم الشُّبَه في دينكم؛ لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأمنوهم على دينكم، ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مشورة.
*****************************************
 ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
آل عمران (101)
وكيف تكفرون بالله -أيها المؤمنون -، وآيات القرآن تتلى عليكم، وفيكم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يبلغها لكم؟ ومَن يتوكل على الله ويستمسك بالقرآن والسنة فقد وُفِّق لطريق واضح، ومنهاج مستقيم.
*****************************************
 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
آل عمران (102)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بشرعه، خافوا الله حق خوفه: وذلك بأن يطاع فلا يُعصى، ويُشكَر فلا يكفر، ويُذكَر فلا ينسى، وداوموا على تمسككم بإسلامكم إلى آخر حياتكم؛ لتلقوا الله وأنتم عليه.
*****************************************
 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
آل عمران (102)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بشرعه، خافوا الله حق خوفه: وذلك بأن يطاع فلا يُعصى، ويُشكَر فلا يكفر، ويُذكَر فلا ينسى، وداوموا على تمسككم بإسلامكم إلى آخر حياتكم؛ لتلقوا الله وأنتم عليه.
السؤال : ما المقصود بتقوى الله تعالى حق تقاته؟
قال السلف؛ ابن مسعود وغيره؛ كالحسن، وعكرمة، وقتادة، ومقاتل: «حق تقاته: أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى». 
(ابن تيمية:2/116.)
السؤال : أهم الواجبات في حياة الإنسان المبادرة إلى الالتزام والمحافظة عليه، فلماذا؟
أي: حافظوا على الإسلام في حال صحكتم وسلامتكم لتموتوا عليه؛ فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه
(ابن كثير: 1/366.)
*****************************************
  (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
آل عمران (103)
وتمسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم، ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم. واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم: إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء، فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله، وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض، فأصبحتم -بفضله- إخوانا متحابين، وكنتم على حافة نار جهنم، فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار. وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم؛ لتهتدوا إلى سبيل الرشاد، وتسلكوها، فلا تضلوا عنها.

السؤال : ما دلالة كلمة (جميعاً) في الأمر بالاعتصام في الآية؟
(جميعاً):
 لا تدعوا أحداًً منكم يشذ عنها, بل كلما عثرتم على أحد فارقها -ولو قيد شبر- فردوه إليها، ولا تناظروه، ولا تهملوا أمره, ولا تغفلوا عنه؛ فيختل النظام, وتتعبوا على الدوام, بل تزالوا كالرابط ربطاًً شديداًً حزمة نبل بحبل, لا يدع واحدة منها تنفرد عن الأخرى.

(البقاعي: 2/131.)
السؤال : هل كل اختلاف في وجهات النظر يعتبر تفرقاًً وتمزقاًً؟
وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع؛ فإن ذلك ليس اختلافاًً؛ إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب  استخراج الفرائض، ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون
(القرطبي: 5/241.)

السؤال : كيف يذكر المؤمن نعمة ربه؟ وما فائدة هذا الذكر؟ 
في هذه الآية ما يدل أن الله يحب من عباده أن يذكروا نعمته بقلوبهم وألسنتهم؛ ليزدادوا شكراً له ومحبة، وليزيدهم من فضله وإحسانه، وإن من أعظم ما يذكر من نعمه نعمة الهداية إلى الإسلام.
(السعدي: 142.)
*****************************************
 ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
آل عمران (104)
ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك هم الفائزون بجنات النعيم.

السؤال : بين مراتب الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
الناس في تغيير المنكر والأمر بالمعروف على مراتب: ففرض العلماء فيه تنبيه الحكام والولاة، وحملهم على جادة العلم، وفرض الولاة تغييره بقوتهم وسلطانهم ... وفرض سائر الناس رفعه إلى الحكام والولاة بعد النهي عنه قولا؛ وهذا في المنكر الذي له دوام، وأما إن رأى أحد نازلة بديهة من المنكر؛ كالسلب والزنى ونحوه، فيغيرها بنفسه بحسب الحال والقدرة
(ابن عطية:1/486.)
*****************************************
 ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
آل عمران (105)
ولا تكونوا -أيها المؤمنون- كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم العداوة والبغضاء فتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا، واختلفوا في أصول دينهم من بعد أن اتضح لهم الحق، وأولئك مستحقون لعذابٍ عظيم موجع.
*****************************************
 ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ )
آل عمران (106)
يوم القيامة تَبْيَضُّ وجوه أهل السعادة الذين آمنوا بالله ورسوله، وامتثلوا أمره، وتَسْوَدُّ وجوه أهل الشقاوة ممن كذبوا رسوله، وعصوا أمره. فأما الذين اسودَّت وجوههم، فيقال لهم توبيخًا: أكفرتم بعد إيمانكم، فاخترتم الكفر على الإيمان؟ فذوقوا العذاب بسبب كفركم.
*****************************************
 ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
آل عمران (107)
وأما الذين ابيضَّتْ وجوهم بنضرة النعيم، وما بُشِّروا به من الخير، فهم في جنة الله ونعيمها، وهم باقون فيها، لا يخرجون منها أبدًا.

السؤال : لماذا عبر عن دخول الجنة بالرحمة؟
(ففي رحمة الله) أي: الجنة؛ فهو من التعبير بالحال عن المحل...وإنما عبر عن ذلك بالرحمة إشعاراً بأن المؤمن وإن أستغرق عمره في طاعة الله فإنه لا ينال ما ينال إلا برحمته تعالى
(الألوسي: 4/26.)
 *****************************************
 ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ )
آل عمران (108)
هذه آيات الله وبراهينه الساطعة، نتلوها ونقصُّها عليك -أيها الرسول- بالصدق واليقين. وما الله بظالم أحدًا من خلقه، ولا بمنقص شيئًا من أعمالهم؛ لأنه الحاكم العدل الذي لا يجور.
*****************************************
 ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ )
آل عمران (109)
ولله ما في السموات وما في الأرض، ملكٌ له وحده خلقًا وتدبيرًا، ومصير جميع الخلائق إليه وحده، فيجازي كلا على قدر استحقاقه.
*****************************************
 ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )
آل عمران (110)
أنتم
 يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم، لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بها، وهم قليل، وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.

السؤال : ذكرت الآية ميزة لهذه الأمة على بقية الأمم، فما هي؟
من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤَدِّ شرط الله فيها ... ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) [المائدة: 79]. 
(ابن كثير: 1/374.)

السؤال : ما المقصود بالمعروف وما المقصود بالمنكر؟
وأصل (المعروف) كل ما كان معروفاً فعله، جميلاً مستحسناً، غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله معروفا لأنه مما يعرفه أهل الإيمان، ولا يستنكرون فعله. وأصل (المنكر) ما أنكره الله، ورأوه قبيحا فعله؛ ولذلك سميت معصية الله منكرا؛ لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون ركوبها.
(الطبري: 7/105.)

السؤال : جهاد المسلمين للكفار من أوجه خيرية الأمة، بين ذلك؟
فالجهاد للْكفَّار أصلح من هلاكهم بِعَذَاب سَمَاء من وُجُوه: أَحدهَا: أَن ذَلِك أعظم فِي ثَوَاب الْمُؤمنِينَ وأجرهم وعلو درجاتهم؛ لما يَفْعَلُونَهُ من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله لأن تكون كلمة الله هِيَ الْعليا، وَيكون الدِّين كُله لله. الثَّانِي: أَن ذَلِك أَنْفَع للْكفَّار أَيْضاً؛ فَإِنَّهُم قد يُؤمنُونَ من الْخَوْف، وَمن أسر مِنْهُم وسيم من الصغار يسلم أَيْضا، وَهَذَا من معنى قَوْله تَعَالَى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: «وكنتم خير النَّاس للنَّاس؛ تأتون بهم فِي الأقياد والسلاسل حَتَّى تدخلوهم الْجنَّة»، فَصَارَت الأمة بذلك خير أمة أخرجت للنَّاس
(ابن تيمية: 2/122.)
*****************************************
 ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ )
آل عمران (111)
لن يضركم هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب إلا ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغير ذلك، فإن يقاتلوكم يُهْزَموا، ويهربوا مولِّين الأدبار، ثم لا ينصرون عليكم بأي حال.
*****************************************
 ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ )
آل عمران (112)
جعل الله الهوان والصغار أمرًا لازمًا لا يفارق اليهود، فهم أذلاء محتقرون أينما وُجِدوا، إلا بعهد من الله وعهد من الناس يأمنون به على أنفسهم وأموالهم، وذلك هو عقد الذمة لهم وإلزامهم أحكام الإسلام، ورجعوا بغضب من الله مستحقين له، وضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة، فلا ترى اليهوديَّ إلا وعليه الخوف والرعب من أهل الإيمان؛ ذلك الذي جعله الله عليهم بسبب كفرهم بالله، وتجاوزهم حدوده، وقَتْلهم الأنبياء ظلمًا واعتداء، وما جرَّأهم على هذا إلا ارتكابهم للمعاصي، وتجاوزهم حدود الله.

السؤال : عوقبت اليهود بالذلة والمسكنة على معصيتين وقعوا فيهما، فما هما؟
ولما أخبر عنهم سبحانه وتعالى بهذا الذل أتبعه الإخبار بأنه في كل زمان وكل مكان معاملة منه لهم بضد ما أرادوا؛ فعوضهم عن الحرص على الرئاسة إلزامهم الذلة، وعن الإخلاد إلى المال إسكانهم المسكنة، وأخبر أن ذلك لهم طوق الحمامة غير مزائلهم إلى آخر الدهر، باق في أعقابهم.
(البقاعي: 2/136.)

السؤال : مقابلة المصلحين بالإساءة والأذى صفة قديمة  للمفسدين، وضح ذلك من الآية؟
أي: يقابلون أنبياء الله الذين يحسنون إليهم أعظم إحسان بأشر مقابلة؛ وهو القتل، فهل بعد هذه الجراءة والجناية شيء أعظم منها؟.
(السعدي:143.)
*****************************************

و نختم ببعض التوجيهات و الأعمال المستنبطه من الآيات









*****************************************
مع التفسير للدكتور/ ابراهيم الشربيني






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق