الخميس، 23 نوفمبر 2017
الأربعاء، 22 نوفمبر 2017
الجزء الثامن - الربع الثاني - التفسير و المعاني
*( لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (127)
للمتذكرين عند ربهم جل وعلا يوم القيامة دار السلامة والأمان من كل مكروه وهي الجنة، وهو سبحانه ناصرهم وحافظهم جزاءً لهم؛ بسبب أعمالهم الصالحة.
***********************************************************
*( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )*
الأنعام (128)
واذكر -أيها الرسول- يوم يحشر الله تعالى الكفار وأولياءهم من شياطين الجن فيقول: يا معشر الجن قد أضللتم كثيرًا من الإنس، وقال أولياؤهم من كفار الإنس: ربنا قد انتفع بعضنا من بعض، وبلغنا الأجل الذي أجَّلْتَه لنا بانقضاء حياتنا الدنيا، قال الله تعالى لهم: النار مثواكم، أي: مكان إقامتكم خالدين فيها، إلا مَن شاء الله عدم خلوده فيها من عصاة الموحدين. إن ربك حكيم في تدبيره وصنعه، عليم بجميع أمور عباده.
***********************************************************
*( وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )*
الأنعام (129)وكما سلَّطْنا شياطين الجن على كفار الإنس، فكانوا أولياء لهم، نسلِّط الظالمين من الإنس بعضهم على بعض في الدنيا؛ بسبب ما يعملونه من المعاصي.
السؤال : بماذا يُعاقب الله تعالى الظالم في الدنيا؟
وهذا تهديد للظالم؛ إن لم يمتنع من ظلمه سلط الله عليه ظالماً آخر ...قال فضيل بن عياض: إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم فقف وانظر فيه متعجباً.
(القرطبي:9/30.)
***********************************************************
*( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ )*
الأنعام (130)أيها المشركون من الجن والإنس، ألم يأتكم رسل من جملتكم -وظاهر النصوص يدلُّ على أنَّ الرسل من الإنس فقط-، يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر، ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، فكذبناهم، وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.
السؤال : التذكير بالمخالفات قبل إيقاع العقوبة منهج القرآن، وضح ذلك من خلال الآية؟
ومعناه: قد أتاكم رسل منكم ينبهونكم على خطأ ما كنتم عليه مقيمين بالحجج البالغة، وينذرونكم وعيد الله على مقامكم على ما كنتم عليه مقيمين، فلم تقبلوا ذلك، ولم تتذكروا ولم تعتبروا.
(الطبري:12/120.)
***********************************************************
*( ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ )*
الأنعام (131)
إنما أعذرنا إلى الثقلين بإرسال الرسل وإنزال الكتب، لئلا يؤاخَذَ أحد بظلمه، وهو لم تبلغه دعوة، ولكن أعذرنا إلى الأمم، وما عذَّبنا أحدًا إلا بعد إرسال الرسل إليهم.
***********************************************************
*( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (132)ولكل عامل في طاعة الله تعالى أو معصيته مراتب من عمله، يبلِّغه الله إياها، ويجازيه عليها. وما ربك -أيها الرسول- بغافل عما يعمل عباده.
السؤال : ما الفائدة العملية من معرفة أن أهل الجنة متفاوتون في الدرجات؟
بحسب أعمالهم؛ لا يجعل قليل الشر منهم ككثيره، ولا التابع كالمتبوع، ولا الرئيس كالمرؤوس، كما أن أهل الثواب والجنة وإن اشتركوا في الربح، والفلاح، ودخول الجنة فإن بينهم من الفرق ما لا يعلمه إلا الله، مع أنهم كلهم قد رضوا بما آتاهم مولاهم. (السعدي:274).
***********************************************************
*( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ )*
الأنعام (133)وربك -أيها الرسول- الذي أمر الناس بعبادته، هو الغني وحده، وكل خلقه محتاجون إليه، وهو سبحانه ذو الرحمة الواسعة، لو أراد لأهلككم، وأوجد قومًا غيركم يخلفونكم من بعد فنائكم، ويعملون بطاعته تعالى، كما أوجدكم من نسل قوم آخرين كانوا قبلكم.
السؤال : لماذا وصف الله نفسه بالغني بعد أن ذكر جزاء المؤمنين والفاجرين؟
وإنما أمر الله العباد بالأعمال الصالحة، ونهاهم عن الأعمال السيئة رحمة بهم، وقصداً لمصالحهم، وإلا فهو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته؛ فلا تنفعه طاعة الطائعين، كما لا تضره معصية العاصين.
(السعدي:274.)
السؤال : ما الذي يفيده العاقل من ذهاب أمم وزوالها، ثم يخلفها غيرها؟
فإذا عرفتم بأنكم لا بد أن تنتقلوا من هذه الدار كما انتقل غيركم، وترحلون منها وتخلونها لمن بعدكم، كما رحل عنها من قبلكم وخلوها لكم؛ فلِمَ اتخذتموها قراراً، وتوطنتم بها، ونسيتم أنها دار ممر لا دار مقر، وأن أمامكم داراً هي الدار التي جمعت كل نعيم، وسلمت من كل آفة ونقص؟! وهي الدار التي يسعى إليها الأولون والآخرون. وما أبخس حظ من رضي بالدون!! وأدنى همة من اختار صفقة المغبون!!
(السعدي:274.)
***********************************************************
*( إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ )*
الأنعام (134)
إن الذي يوعدكم به ربكم - أيها المشركون - من العقاب على كفركم واقع بكم، ولن تُعجِزوا ربكم هربًا، فهو قادر على إعادتكم، وإن صرتم ترابًا وعظامًا.
***********************************************************
*( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )*
الأنعام (135)
قل -أيها الرسول-: يا قوم اعملوا على طريقتكم فإني عامل على طريقتي التي شرعها لي ربي جل وعلا فسوف تعلمون -عند حلول النقمة بكم- مَنِ الذي تكون له العاقبة الحسنة؟ إنه لا يفوز برضوان الله تعالى والجنة مَن تجاوز حده وظلم، فأشرك مع الله غيره.
***********************************************************
*( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )*
الأنعام (136)وجعل المشركون لله -جلَّ وعلا- جزءًا مما خلق من الزروع والثمار والأنعام يقدمونه للضيوف والمساكين، وجعلوا قسمًا آخر من هذه الأشياء لشركائهم من الأوثان والأنصاب، فما كان مخصصًا لشركائهم فإنه يصل إليها وحدها، ولا يصل إلى الله، وما كان مخصصا لله تعالى فإنه يصل إلى شركائهم. بئس حكم القوم وقسمتهم.
السؤال : لماذا سمى الله تعالى الشياطين شركاء؟
وسمى الشياطين شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله، فأشركوهم مع الله في وجوب طاعتهم.
(القرطبي:9/39.)
***********************************************************
*( وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )*
الأنعام (137)
وكما زيَّن الشيطان للمشركين أن يجعلوا لله تعالى من الحرث والأنعام نصيبًا، ولشركائهم نصيبًا، زيَّنت الشياطين لكثير من المشركين قَتْلَ أولادهم خشية الفقر؛ ليوقعوا هؤلاء الآباء في الهلاك بقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وليخلطوا عليهم دينهم فيلتبس، فيضلوا ويهلكوا، ولو شاء الله ألا يفعلوا ذلك ما فعلوه، ولكنه قدَّر ذلك لعلمه بسوء حالهم ومآلهم، فاتركهم -أيها الرسول- وشأنهم فيما يفترون من كذب، فسيحكم الله بينك وبينهم.
السؤال : من خلال هذه الآية بين شيئا من فضل الله علينا بهذا الدين.
كانوا يقتلون أولادهم بالوأد، ويذبحونهم قرباناً إلى الأصنام. وشركاؤهم هنا هم: الشياطين، أو القائمون على الأصنام.
(ليردوهم) أي: ليهلكوهم، وهو من الردى بمعنى الهلاك.
(ابن جزي:1/287.)
السؤال : متى يصير المرء شريكا للشيطان؟
و«الشركاء» هاهنا: الشياطين، الآمرون بذلك، المزينون له، والحاملون عليه أيضا من بني آدم الناقلين له عصرا بعد عصر؛ إذ كلهم مشتركون في قبح هذا الفعل، وتبعاته في الآخرة.
(ابن عطية:2/349.)
***********************************************************
*( وَقَالُوا هَٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ ۚ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )*
الأنعام (138)
وقال المشركون: هذه إبل وزرع حرام، لا يأكلها إلا مَن يأذنون له -حسب ادعائهم- مِن سدنة الأوثان وغيرهم. وهذه إبل حُرِّمت ظهورها، فلا يحل ركوبها والحملُ عليها بحال من الأحوال. وهذه إبل لا يَذكرون اسم الله تعالى عليها في أي شأن من شئونها. فعلوا ذلك كذبًا منهم على الله، سيجزيهم الله بسبب ما كانوا يفترون من كذبٍ عليه سبحانه.
***********************************************************
*( وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا ۖ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ ۚ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )*
الأنعام (139)وقال المشركون: ما في بطون الأنعام من أجنَّة مباح لرجالنا، ومحرم على نسائنا، إذا ولد حيًّا، ويشتركون فيه إذا ولد ميتًا. سيعاقبهم الله إذ شرَّعوا لأنفسهم من التحليل والتحريم ما لم يأذن به الله. إنه تعالى حكيم في تدبير أمور خلقه، عليم بهم.
السؤال : ما الفائدة من ختم الآية بصفتي الحكمة والعلم لله عز وجل؟
(إنه حكيم عليم): تعليل للوعد بالجزاء؛ فإن الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحِكْمَة.
(الألوسي:8/389.)
السؤال : بين الفائدة الجليلة التي يتعلمها طالب العلم من هذه الآية؟
وفي الآية دليل على أن العالم ينبغي له أن يتعلم قول من خالفه، وإن لم يأخذ به؛ حتى يعرف فساد قوله، ويعلم كيف يرد عليه؛ لأن الله تعالى أعلم النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه قول من خالفهم من أهل زمانهم ليعرفوا فساد قولهم.
(القرطبي:9/48.)
السؤال : في الآية مقارنة بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية, وضح ذلك؟
ومن آرائهم السخيفة: أنهم يجعلون بعض الأنعام ويعينونها محرما ما في بطنها على الإناث دون الذكور؛ فيقولون: (ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا) أي: حلال لهم، لا يشاركهم فيها النساء، (ومحرم على أزواجنا) أي: نسائنا؛ هذا إذا ولد حيا، وإن يكن ما [في] بطنها يولد ميتا فهم فيه شركاء؛ أي: فهو حلال للذكور والإناث.
(السعدي:276.)
***********************************************************
*( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )*
الأنعام (140)
قد خسر وهلك الذين قتلوا أولادهم لضعف عقولهم وجهلهم، وحرموا ما رزقهم الله كذبًا على الله. قد بَعُدوا عن الحق، وما كانوا من أهل الهدى والرشاد. فالتحليل والتحريم من خصائص الألوهية في التشريع، والحلال ما أحله الله، والحرام ما حرَّمه الله، وليس لأحد من خَلْقه فردًا كان أو جماعة أن يشرع لعباده ما لم يأذن به الله.
السؤال : ما الخسران الحقيقي الَّذي ورد ذكره في الآية الكريمة؟
كثر في القرآن استعارة الخسران لعمل الذين يعملون طلبا لمرضاة الله وثوابه فيقعون في غضبه وعقابه؛ لأنهم أتعبوا أنفسهم، فحصلوا عكس ما تعبوا لأجله.
(ابن عاشور:8/113.)
*************************************************************
مع بعض التوجيهات
*************************************************************
مع التفسيرللدكتور / ابراهيم الشربيني
الاثنين، 20 نوفمبر 2017
الجزء الثامن - الربع الأول - الأحكام الفقهية
قول الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الأنعام/ 121..
وفيها مسائل ثلاث:
مسألة: حكم التسمية على الذبيحة.
أولاً: اختلف العلماء في حكم التسمية عند الذبح على عدة أقوال:
فذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ، لكن إن تركها سهوا أبيحت، واستدلوا على الوجوب بقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الأنعام/ 121 .
ورفع الحكم بالسهو بعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)، رواه ابن ماجه (2034)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ.
واستدلوا بما رواه البخاري (5502) : " أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ، وَهُوَ بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا"
وبأنّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْل الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) وَهُمْ لاَ يَذْكُرُونَ التَّسْمِيَةَ.
واستدلوا أيضا بما رواه البيهقي (18890) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمُسْلِمُ يَكْفِيهِ اسْمُهُ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ وَلْيَأْكُلْهُ) ولكنه حديث ضعيف، والصواب وقفه على ابن عباس، انظر: "التلخيص الحبير 4/338 "
وردوا على استدلال أصحاب القول الأول بأن قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) محمول عَلَى مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الْأَنْعَامِ/ 145.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ عَطَاءٍ: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَالَ: " يَنْهَى عَنْ ذَبَائِحَ كَانَتْ تَذْبَحُهَا قُرَيْشٌ عَنِ الْأَوْثَانِ، وَيَنْهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْمَجُوسِ".
وذهب الظاهرية إلى أنها شرط، ولا تسقط بحال، لا سهوا ولا عمدا ولا جهلا، وهي رواية عن مالك وأحمد، وقول جماعة من السلف، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بعموم قوله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الأنعام/ 121، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكُل) متفق عليه.
فشرط لحل الأكل التسمية، ومعلوم أنه إذا فقد الشرط فقد المشروط، فإذا فقدت التسمية فإنه يفقد الحل، كسائر الشروط.
وقد ذكر القرطبي رحمه الله في تفسيره (7/ 75) اختلاف العلماء في ذلك .
ثانيا :الدليل على تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، عند من يقول بوجوبه، أو شرطيته،
هو قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) الأنعام/ 118، مع قوله تعالى : (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الأنعام/ 121.
قال القرطبي: "فَبَيَّنَ الحالين وأوضح الحكمين. فقول:" لَا تَأْكُلُوا" نَهْيٌ عَلَى التَّحْرِيمِ لَا يَجُوزُ حمله على الكراهة، لتناوله فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهِ الْحَرَامَ الْمَحْضَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَبَعَّضَ، أَيْ يُرَادَ بِهِ التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ مَعًا، وَهَذَا مِنْ نَفِيسِ الْأُصُولِ، وَأَمَّا النَّاسِي فَلَا خِطَابَ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، إِذْ يَسْتَحِيلُ خِطَابُهُ، فَالشَّرْطُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ". انتهى من "تفسير القرطبي 7/76 .
ثالثا: لم يذكر الله عز وجل ما لم يذكر اسم الله عليه فيما حرم في قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة/ 173،
وقوله : (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الأنعام/ 145،
ولكنه ذكره في قوله عز وجل : (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الأنعام/ 121 .
والأحكام الشرعية تؤخذ من مجموع أدلتها الواردة في الكتاب والسنة، ليس من بعضها دون البعض.
وهذا كما أنه لم يذكر في القرآن تحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وذكره في السنة، كما رواه مسلم (1934) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ" . والله تعالى أعلم .
************************************************************
مسألة: حكم الذبائح في المسالخ الحديثة
قرار مجمع الفقه الإسلامي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
إن مجمع الفقه الإسلامي في اجتماعه الثامن والعشرين الذي انعقد في يوم الثلاثاء 4 ذي الحجة 1421ه الموافق له 27 فبراير 2001م، وبعد المناقشة والتداول في موضوع الذبح بالمسالخ الآلية الحديثة بأم درمان بمشاركة الفقهاء والأطباء والخبراء،
وبعد الاطِّلاع على تقارير اللجان المكلفة بدراسة الموضوع ميدانياً؛ قرَّر ما يلي:
أولاً: كل حيوان يحل أكله لا يجوز أكل شيء منه إلا بالتذكية الشرعية ما عدا السمك وحيوانات البحر والجراد وما في حكم الجراد فإن ذكاته تكون بما يموت به.
والذكاة شرعاً هي السبب الموصّل لحل أكل الحيوان البريِّ. وأنواعها أربعة:
1 – الذبح: ويتحقق بقطع الحلقوم والمريء والودجين، وينبغي أن يُترك جزء من الحلقوم إلى جهة الرأس قدر خاتم. وما يذبح هو: الغنم، والبقر، والطيور ونحوها.
2 – النحر: ويتحقق بطعن في اللّبّة – وهي الوهدة، (الحفرة التي في أسفل العنق)، وما ينحر هو الإبل ونحوها، ويجوز النحر في البقر والذبح أولى.
3 – العقر: ويتحقق بجرح الحيوان غير المقدور عليه بسلاح حاد أو نري في أي جزء من بدنه، سواء الوحشي المباح صيده، والمتوحِّش من الحيوانات المستأنسة مما يحل أكله، فإن أُدرك المعقور حياً وجب ذبحه أو نحره.
4 – ما يموت به: وهذا النوع يكون في الجراد ونحوه من خشاش الأرض.
ثانياً: تكون التذكية شرعية بالشروط الآتية:
1 – أن يكون المذكي مميزاً مسلماً أو كتابياً، فلا تحل لنا ذبائح المشركين والوثنيين والملحدين والمرتدين والمجوس لقوله - صلى الله عليه وسلم – في المجوس: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم ".
2 – أن يذكر المذكي المسلم اسم الله تعالى ما لم يكن ناسياً أو عاجزاً عن التسمية فتحل ذبيحته، أما إذا كان المذكي كتابياً فلا تشترط التسمية في حقه؛ لأن التسمية قربة وهو ليس من أهل القربة.
3 – أن تكون الآلة التي تتم بها التذكية حادة تقطع وتفري سواء أكانت من الحديد أم من غيره مما ينهر الدم إلا السن والظفر لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي في صحيح مسلم: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكُل، ليس السن والظفر "
فلا تحل المنخنقة بفعلها أو بفعل غيرها، ولا الموقوذة، وهي التي أزهقت روحها بضربها بمثقَّل أو ناريِّ ( حجر أو هراوة أو بندقية أو نحوها )، ولا المتردية: وهي التي تموت بسقوطها من مكان عال، أو بوقوعها في حفرة، ولا النطيحة: وهي التي توت بنطح غيرها لها، ولا ما أكل السبع: وهو ما افترسه شيء من السباع أو الطيور الجارحة غير المعلمة.
ثالثاً: الأصل في التذكية الشرعية أن تكون من غير تدويخ للحيوان، إلا عند العجز عن السيطرة عليه إلا بتدويخه، فتجوز تذكيته بعد التدويخ بشرط ألا يؤدي التدويخ إلى موته لو ترك.
ويوصي المجمع القائمين على أمر الذبح والتذكية تحري أفضل الطرق السيطرة على الحيوانات المعجوز عن السيطرة عليها رعاية للإحسان الذي أمرنا الله تعالى به في كل شيء.
رابعاً: للتذكية آداب يحسن التزامها قبل الذبح وفي أثنائه وبعده، رفقاً بالحيوان وإحساناً ورحمة به: فلا تحدّ الشفرة أمام الحيوان المراد ذبحه، ولا يذكِّى بآلة غير حادة، ولا يذبح بحضرة حيوان آخر، ولا يسلخ، ولا يغطس في الماء الحار، ولا ينتف ريشه قبل أن يبرد ويسكن ويتأكد من زهوق روحه.
خامساً: الذبح الذي يتم في المسالخ الحديثة حلال طيب ما دام يراعى فيه ما تقدم من الشروط والأحكام.
.. والله تعالى الموفق إلى الخير والصواب ..
(وثيقة رقم 282)
الجزء الثامن - الربع الأول - الاعجاز العلمي
قال تعالي " فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)
هذا مقال للدكتور حيدر حول " ذكر الله له تأثير حقيقي لا إيحائي فقط على المادة ومنها الطعام"
الحمد لله حمدا يليق بكرمه والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده وأن محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله..
أما بعد أحبتي الأكارم الموضوع اليوم هو موضوع بالغ الاهمية ونقوم به يوميا وهو بأمر
الله لاشك فالله تعالى أمرنا بذكراسمه على كل ما نأكله يقول تعالى في سورة الأنعام:
((فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللََِّّ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ )) 118
فالله أمرنا بالبسملة على الأكل والشرب لزوما وأمرا مباشرا لا بد منه..
ورد في تفسير الطبري حول الاية السابقة:
القول في تأويل قوله : فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللََِّّ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين به
وبآياته : " فكلوا " ، أيها المؤمنون، مما ذكّيتم من ذبائحكم وذبحتموه الذبح الذي بينت لكم أنه تحلّ به الذبيحة لكم, وذلك ما ذبحه المؤمنون بي من أهل دينكم دين الحق, أو ذبحه مَنْ دان بتوحيدي من أهل الكتاب, دون ما ذبحه أهل الأوثان ومَنْ لا كتاب له من المجوس =( إن كنتم بآياته مؤمنين ) ، يقول: إن كنتم بحجج الله التي أتتكم وأعلامه، بإحلال ما أحللت لكم، وتحريم ما حرمت عليكم من المطاعم والمآكل، مصدّقين, ودَعوا عنكم زخرف ما توحيه الشياطين بعضها إلى بعض من زخرف القول لكم، وتلبيس دينكم عليكم غرو را .
وكان عطاء يقول في ذلك ما : حدثنا به محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء قوله ( : فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) ، قال: يأمر بذكر اسمه على الشراب والطعام والذبح. وكل شيء يدلّ على ذكره يأمر به .
إنه إذا أمر جلل وخطاب عظيم بل إن الله تعالى أمرنا ألا نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه
فقال جل وعلا:
((وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللََِّّ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ
أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )) 121 سورة الأنعام.
وحتى إذا نسينا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبادر بالبسملة فور الذكرى وأن
نعلقها بالبداية فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُم فَليَذكُرِ اسمَ اللََِّّ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ ، فَإِن نَسِيَ أَن يَذكُرَ اسمَ اللََِّّ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ
فَليَقُل : بِسمِ اللََِّّ فِي أَوَّلَهُ وَآخِرَه ( رواه الترمذي ) 1857 ( وقال : حسن صحيح . وقوله : ) فإن نسي أن يذكر الله في أوله ، فليقل.. ( شامل لمن تذكر التسمية أثناء الطعام ،
أو آخره ، أو بعد الفراغ منه بالزمن اليسير ، لعموم مفهوم الحديث .
والسؤال الهام هنا هل فعلا لبسم الله تأثير بل في العموم هل للذكر تأثير في المادة وهو بيت القصيد لأن الذكر إن أثر في المادة فهذا يعني أن له تأثيرا حقيقيا ينتفع به ولنورد بعض الادلة الشرعية للامر ثم نورد بعض ادلة العلم على أن الذكر له تأثير حقيقي على المادة بل أنه يمكن ان يسبب تغييرا فيزيائيا فيها ومن هنا الفائدة المنوطه بالامر الالهي فالله تعالى دائما يدعونا لما يحيينا ويكون فيه خيرنا قال تعالى :
((يَا أَيُّهَا ا لَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِِلَِّّ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَََّّ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )) 24 سورة الانفال.
وقال تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِ حا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُن ثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأحَْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) 97 سورة النحل.
إن ما امرنا به ربنا دوما سيكون محطه فائدتنا نحن فهو من خلق وهو أعلم بما يخلق لا
إله إلا هو سبحانه..
من الامور التي لفتت إنتباهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم صحابته البسملة
ويدقق عليها ومنذ صغرهم حيث قال لابي سلمة رضي الله عنه:
عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلا ما في حجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك، فما زالت تلك طُعمتي بعد؛ متفق عليه .[1]
يتعلق بهذا الحديث فوائد :
الفائدة الأولى : تسن التسمية عند ابتداء الطعام، وهذا موضع اتفاق بين العلماء
الرابط:
https://vb.tafsir.net/tafsir44803/#.WgABzFuCzIU
ولما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ الاخلاص والمعوذات ويمسح على
جسمه الشريف فقد ورد في الاحاديث:
روى البخاري ومسلم : عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه
الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى
الله عليه وسلم عنه .
كل هذا يدل على أنه كان ينفث بها على يديه الشريفتين ويمسح أي وكأنه ينقل أثرا من
اليدين إلى الموضع المراد ليتم التأثير وهذا لا يكون إلا إن كان هنالك تأثير حقيقي يقع
منه على المكان الممسوح.
كذلك في الرقية:
فقد روى البخاري 5018 ( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللََُّّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى
فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللََُّّ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ
وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلََثَ مَرَّاتٍ ) .
وهذا ما سنه نبينا صلى الله عليه وسلم وكله فيه تأكيد على التأثير المادي الحقيقي للذكر
ومنه (بسم الله الرحمن الرحيم).
الرابط التالي عن شرح جميل لاراء الفقهاء في الحديث السابق وأن السمح بعد النفث هو
الظاهر مع اتساع الامر عموما.
https://islamqa.info/ar/174571
ومما ورد في الرقية امور بديعة منها:
ثبت في السنة النبويّة نجاعة الرقية الشرعيّة وصدق الاستشفاء بها، وقد حدث أن استخدمها الصحابة لعلاج أنفسهم وعلاج غيرهم وأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فقد روى أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: (بعَثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَريَّةٍ فمرَرْنا على أهلِ أبياتٍ فاستضَفْناهم، فأبَوْا أنْ يُضيِّفونا فنزَلوا بالعَراءِ فلُدِغ سيِّدُهم فأتَوْنا فقالوا: هل فيكم أحَ دٌ يَرقي؟ قال: قُلْتُ: نَعم أنا أَرقي، قالوا: ارقِ صاحبَنا، قُلْتُ: لا؛ قد استضَفْناكم فأبَيْتُم أنْ تُضيِّفونا، قالوا: فإنَّا نجعَلُ لكم جُعْ لا قال: فجعَلوا لي ثلاثينَ شاة ، قال: فأتَيْتُه فجعَلْتُ أمسَحُه وأقرَأُ بفاتحةِ الكتابِ حتَّى برَأ فأخَذ الشَّاءَ فقُلْنا: نأخُذُها ونحنُ لا نُحسِنُ نَرقي فما نحنُ بالَّذي نأكُلَها حتَّى نسألََ عنها رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فأتَيْناه فذكَرْنا ذلك له، قال: فجعَل يقولُ: وما يُدريكَ أنَّها رُقْيةٌ؟ قال: قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ ما درَيْتُ أنَّها رُقْيةٌ شيءٌ ألقاه اللهُ في نفسي فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُلوا واضرِبوا لي معكم بسَهم(،] ١
[ وفي ذلك إقرار من رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - للصحابي باستخدام الرقية وبأن يرقي غيره، وبإذْن أخذ الأجر على ذلك .
وفي رواية أخرى:
فانطلق يَتْفُلُ عليهِ ويقرأُ: (الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فكأنَّما نشطَ من عِقَالٍ
الرابط:
http://mawdoo3.com/%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%8A%D8%AA
الرابط التالي رأي رائع للشيخ ابن باز رحمه الله حول علَج الحسد بماء الغسل الذي
يعطى من العائن الى المعيون ليغتسل به وانه يرد العين ويشفى به وهو حديث صحيح
حسب أهل العلم واليكم الرابط وهوعدة دقائق لطيفة وهامة لنستمع لها:
https://www.youtube.com/watch?v=EDV4CcRiWgc
الرابط التالي تعليمي للشيخ العريفي ولنرى كيف يتم الامر بشكل عملي:
https://www.youtube.com/watch?v=5f8XNZuhjkE
لنرى أن الموضوع دوما يرتبط بمسح او بتفل أو قراءة مباشرة فوق المقروء عليه إن
كان غذاء أم جسما أم غيره أو اغتسال و‘طاء لماء الغسل..
والأدلة كثيرة ومعتبرة عند أهل العلم لدرجة أن كثير من كتب الرقية المتواجدة بين ايدينا
مما اشترطه العلماء مأخوذا من الكتاب والسنة حصرا وهذا مما هو متفق عليه اصلَ في
الرقية حتى لا تدخل فيها طلَسم وخزعبلَت السحر والشعوذة لا سمح الله وكلها مما يدل
على أثر الامر الحقيقي والعياني والذي لاشك فيه شرعا وتجريبا عند الناس مما اشتهر
عندهم وهنا الان لنستعرض هذا الامر حول التأثير المادي الذي ثبت في ابحاث علماء
عصرنا من الفيزيائيين أو غيرهم:
في بحث للدكتور زغلول النجار أن العلماء يقولون بان كل شيء له إحساس ويتأثر وأن
كل شيء من جماد أو ماء أو أحياء لها مشاعر وأحاسيس وأنها تتأثر بكل ما حولها اليكم
المقطع الفيديو لأنه ماتع بشدة وله سبق اعجازي بديع فتبارك الله أحسن الخالقين:
https://www.youtube.com/watch?v=rsI2JShd9dI
ومنها ما قام به العالم الياباني من بحث على بللورات المياه وانها تتأثر بالقراءة عليها
وهي ما تعني أنها ستتأثر فعليا بهذا الامر وهو علم بديع وبحسب كل قراءة وجد أن
هنالك تبلور خاص يتعلق بما ذكر عليها:
وكتب كتابا اسمه رسالة من الماء وكان الاعجاز الفريد أن أفضل تبلور كان عندما ذكر
عليه (بسم الله)
وحسب الدكتور زغلول النجار حفظه الله أنه قدم لترجمة هذا الكتاب..
اليكم المقطع التالي للدكتور ابراهيم كريم وهو مؤسس علم هندسة التشكيل الحيوي في
مصر.
يقول حفظه الله : (أن العديد من الناس تظن بأن التأثير لقراءة القرآن هو تأثير فقط
روحي إيحائي لكن أثبتنا بأن التأثير حقيقي وأن جزيئات الماء تتغير حقا وانها تتأثر حقا
فالتأثير فيها واقع بشكل مميز يؤثر على تبلورها وشكلها)
الفيديو رائع ومعهم العالم الياباني الذي قام بالتجارب ارجو ان تحاولوا متابعته بدقة
عالية لتروا العجب في التغيير الحاصل على جزيئات الماء بعد القرءاة عليها وكيف أنها
تتغير بشكل ملف بعد القرآن خاصة وكلمة بسم الله واللغة العربية وتأثيرها على الماء:
الرابط الاول شرح عام عن الموضوع وضحناه لكم:
https://www.youtube.com/watch?v=RfOTouziEig
المقطع الثاني عن تأثير آيات القرآن الكريم وذكر الله على الماء بصراحة شيء رهيب
وممتع ومذهل والله لا يكفي الكلَم عن الوصف فسبحان الله :
https://www.youtube.com/watch?v=NEYd8SCueVM&t=19s
لنلَحظ العشوائية في التبلور بينما بعد القراءة هنالك بناء هندسي حقيقي مميز,أترك لكم
التعليق..
بعد كل هذا الشرح أقول إن هذا الموضوع مهم جدا جدا ولنسبح بحمد ربنا الذي أطلعنا
على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم على سر من الاسرار التي لم يبدأ يفهمها العلماء
التجريبيون الا في ايامنا هذه فالامر عجيب والتأثير حقيقي مادي وليس إيحائي فقط ولذا
لنحافظ على الذكر لأنه عجيب التأثير والله الموفق لكل خيروالحمد لله الذي هدانا لهذا وما
كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله,
هذا والله أعلم والحمد لله والصلَة والسلَم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخوكم دحيدر الجدي
17 / 2 / 1439
الموافق :
الاثنين 6 /نوفمبر/ 2017
************************************************************
قال تعالى " فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)
الطيران في السماء و الارتفاع عن الارض، هل كان يظن أنه عذاب؟ بل معظم أو كل الناس كانوا يعتبرونه حلماً للمتعة و السرور، فيجئ القرآن بخلاف ما يعتقده كل الناس و يحلمون به، يصف القرآن الصعود إلى السماء بضيق الصدر و العذاب، من أخبر النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم بذلك؟ انه الله خالق كل شيء سبحانه.
التنبوء بصعود الإنسان في السماء . الضغط الجوي
الإعجاز العلمي في القران الكريم
https://youtu.be/KMc7zCkUdfM
عالمة أسلمت بسبب الإعجاز في قوله تعالى:
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء)
https://youtu.be/Q0BHeLS4ubo
و ما قدروا الله حق قدره و ما قدروا كلماته في القرآن، و ما أوحي به إلي رسوله الكريم، و لو تدبروا كل كلمة من آياته لسجدوا له كسجود الملائكة سجود بلا قيام إلي يوم الدين.
انتهي ما توصل اليه عقلنا الضعيف من اشارات علمية في هذا الربع و لم تنته عجائبه بعد.
الجزء الثامن - الربع الأول - التفسير و المعاني
*( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ )*
الأنعام (111)
ولو أننا أجبنا طلب هؤلاء، فنزَّلنا إليهم الملائكة من السماء، وأحيينا لهم الموتى، فكلموهم، وجمعنا لهم كل شيء طلبوه فعاينوه مواجهة، لم يصدِّقوا بما دعوتهم إليه -أيها الرسول- ولم يعملوا به، إلا من شاء الله له الهداية، ولكن أكثر هؤلاء الكفار يجهلون الحق الذي جئت به من عند الله تعالى.
*************************************************************
*( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )*
الأنعام (112)
وكما ابتليناك -أيها الرسول- بأعدائك من المشركين ابتلينا جميع الأنبياء -عليهم السلام- بأعداء مِن مردة قومهم وأعداء من مردة الجن، يُلقي بعضهم إلى بعض القول الذي زيَّنوه بالباطل؛ ليغتر به سامعه، فيضل عن سبيل الله. ولو أراد ربك -جلَّ وعلا- لحال بينهم وبين تلك العداوة، ولكنه الابتلاء من الله، فدعهم وما يختلقون مِن كذب وزور.
السؤال : هل في الإنس شياطين كالجن؟ وأيهم أشد خطراً؟
قال قتادة ومجاهد والحسن: إن من الإنس شياطين، كما أن من الجن شياطين ...
وقال مالك بن دينار: إن شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.
(البغوي:2/56.)
السؤال : لماذا يهتم أهل الباطل بزخرفة أقوالهم وتجميلها؟
يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات؛ حتى يجعلوه في أحسن صورة؛ ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلاً، والباطل حقاً.
(السعدي:269-270.)
*************************************************************
*( وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ )*
الأنعام (113)
ولِتميل إليه قلوب الكفار الذين لا يصدقون بالحياة الآخرة ولا يعملون لها، ولتحبَّه أنفسهم، وليكتسبوا من الأعمال السيئة ما هم مكتسبون. وفي هذا تهديد عظيم لهم.
السؤال : مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان، بين ذلك؟
أخبر أن كلام أعداء الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة. فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان؛ فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم فخالف الرسل كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة وغيرها.
(ابن تيمية:3/89-90.)
*************************************************************
*( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )*
الأنعام (114)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أغير الله إلهي وإلهكم أطلب حَكَمًا بيني وبينكم، وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم؟ وبنو إسرائيل الذين آتاهم الله التوراة والإنجيل يعلمون علمًا يقينًا أن هذا القرآن منزل عليك -أيها الرسول- من ربك بالحق، فلا تكونن من الشاكِّين في شيء مما أوحينا إليك.
*************************************************************
*( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )*
الأنعام (115)وتمت كلمة ربك -وهي القرآن- صدقًا في الأخبار والأقوال، وعدلا في الأحكام، فلا يستطيع أحد أن يبدِّل كلماته الكاملة. والله تعالى هو السميع لما يقول عباده، العليم بظواهر أمورهم وبواطنها.
السؤال : ما الأمور التي تحدد مقدار قربك مما جاء به الرسل عليهم السلام؟
(وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً): فالله تعالى بعث الرسل بالعلم والعدل؛ فكل من كان أتم علما وعدلا كان أقرب إلى ما جاءت به الرسل.
(ابن تيمية:3/93.)
*************************************************************
*( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ )*
الأنعام (116)
ولو فُرض -أيها الرسول- أنك أطعت أكثر أهل الأرض لأضلُّوك عن دين الله، ما يسيرون إلا على ما ظنوه حقًّا بتقليدهم أسلافهم، وما هم إلا يظنون ويكذبون.
السؤال : ما سبب كثرة أهل الضلال في الأرض؟
وسبب هذه الأكثرية: أن الحق والهدى يحتاج إلى عقول سليمة، ونفوس فاضلة، وتأمل في الصالح والضار، وتقديم الحق على الهوى، والرشد على الشهوة، ومحبة الخير للناس. وهذه صفات إذا اختل واحد منها تطرق الضلال إلى النفس بمقدار ما انثلم من هذه الصفات.
(ابن عاشور:8/25.)
السؤال : انتشر اليوم بين الناس الإيمان بالأكثرية، وتغليبها على الأقلية، فما حكم الشرع في هذا؟
دلت هذه الآية على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك؛ فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً وأجراً.
(السعدي:270.)
*************************************************************
*( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )*
الأنعام (117)
إن ربك هو أعلم بالضالين عن سبيل الرشاد، وهو أعلم منكم ومنهم بمن كان على استقامة وسداد، لا يخفى عليه منهم أحد.
*************************************************************
*( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ )*
الأنعام (118)
فكلوا من الذبائح التي ذُكِرَ اسم الله عليها، إن كنتم ببراهين الله تعالى الواضحة مصدقين.
السؤال : لماذا ختم الأمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه بذكر الإيمان؟
(إن كنتم بآياته مؤمنين)
أي: إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين؛ فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها.
(ابن عطية:2/338.)
*************************************************************
*( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ )*
الأنعام (119)
وأيُّ شيء يمنعكم أيها المسلمون من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وقد بيَّن الله سبحانه لكم جميع ما حرَّم عليكم؟ لكن ما دعت إليه الضرورة بسبب المجاعة، مما هو محرم عليكم كالميتة، فإنه مباح لكم. وإنَّ كثيرًا من الضالين ليضلون عن سبيل الله أشياعهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال بأهوائهم؛ جهلا منهم. إن ربك -أيها الرسول- هو أعلم بمن تجاوز حده في ذلك، وهو الذي يتولى حسابه وجزاءه.
السؤال : كيف يستدل بالآية على القاعدة الشرعية: (الأصل في الأشياء الإباحة)؟
ودلت الآية الكريمة على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم يرد الشرعُ بتحريم شيء منها فإنه باقٍ على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال؛ لأن الحرام قد فَصَّلَه الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
(السعدي:271.)
السؤال : بين خطورة اتباع الأهواء بغير علم من الله تعالى؟
فكل من اتبع ذوقا أو وجدا بغير هدى من الله -سواء كان ذلك عن حب أو بغض- فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه دينا، وينهى عما يبغضه ويذمه، ويتخذ ذلك دينا، إلا بهدى من الله؛ وهو شريعة الله التي جعل عليها رسوله. ومن اتبع ما يهواه حبا وبغضا بغير الشريعة فقد اتبع هواه بغير هدى من الله.
(ابن تيمية:3/96.)
السؤال : ما أشد أنواع الضلال؟
ثم بين عز وجل في ضلالهم أنه على أقبح الوجوه، وأنه بالهوى لا بالنظر والتأمل، و(بِغَيْرِ عِلْمٍ) معناه: في غير نظر.
(ابن عطية:2/339.)
*************************************************************
*( وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ )*
الأنعام (120)واتركوا -أيها الناس- جميع المعاصي، ما كان منها علانية وما كان سرًّا. إن الذين يفعلون المعاصي سيعاقبهم ربهم؛ بسبب ما كانوا يعملونه من السيئات.
السؤال : ما أول ما على المرء فعله لاجتناب الآثام والمعاصي الظاهرة والباطنة؟
ولا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة إلا بعد معرفتها والبحث عنها، فيكون البحث عنها ومعرفة معاصي القلب والبدن والعلم بذلك واجباً متعيناً على المكلف. وكثير من الناس تخفى عليه كثير من المعاصي، خصوصاً معاصي القلب؛ كالكبر، والعجب، والرياء، ونحو ذلك، حتى إنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر، وهذا من الإعراض عن العلم وعدم البصيرة.
(السعدي:271.)
السؤال : جمعت هذه الآية بين الإيجاز والعموم، وضح ذلك؟
(وذروا ظاهر الإثم وباطنه):
لفظ يعم أنواع المعاصي؛ لأن جميعها إما باطن وإما ظاهر، وقيل: الظاهر: الأعمال، والباطن: الاعتقاد.
(ابن جزي:1/284.)
*************************************************************
*( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )*
الأنعام (121)ولا تأكلوا -أيها المسلمون- من الذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها عند الذبح، كالميتة وما ذبح للأوثان والجن، وغير ذلك، وإن الأكل من تلك الذبائح لخروج عن طاعة الله تعالى. وإن مردة الجن لَيُلْقون إلى أوليائهم من شياطين الإنس بالشبهات حول تحريم أكل الميتة، فيأمرونهم أن يقولوا للمسلمين في جدالهم معهم: إنكم بعدم أكلكم الميتة لا تأكلون ما قتله الله، بينما تأكلون مما تذبحونه، وإن أطعتموهم -أيها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشرك سواء.
السؤال : كيف ترد بهذه الآية على من يؤمن بالإلهامات والكشوفات من غير عرضٍ على الكتاب والسنة؟
ودلَّت هذه الآية الكريمة على أن ما يقع في القلوب من الإلهامات والكشوف التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم، لا تدل بمجردها على أنها حق، ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله، فإن شهدا لها بالقبول قبلت، وإن ناقضتهما ردت، وإن لم يعلم شيء من ذلك توقف فيها ولم تصدق ولم تكذب؛ لأن الوحي والإلهام يكون من الرحمن ويكون من الشيطان، فلا بد من التمييز بينهما والفرقان، وبعدم التفريق بين الأمرين حصل من الغلط والضلال ما لا يحصيه إلا الله.
(السعدي:271.)
*************************************************************
*( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (122)أوَمن كان ميتًا في الضلالة هالكا حائرا، فأحيينا قلبه بالإيمان، وهديناه له، ووفقناه لاتباع رسله، فأصبح يعيش في أنوار الهداية، كمن مثله في الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة، لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص له مما هو فيه؟ لا يستويان، وكما خذلتُ هذا الكافر الذي يجادلكم -أيها المؤمنون- فزيَّنْتُ له سوء عمله، فرآه حسنًا، زيَّنْتُ للجاحدين أعمالهم السيئة؛ ليستوجبوا بذلك العذاب.
*************************************************************
*( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (122)أوَمن كان ميتًا في الضلالة هالكا حائرا، فأحيينا قلبه بالإيمان، وهديناه له، ووفقناه لاتباع رسله، فأصبح يعيش في أنوار الهداية، كمن مثله في الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة، لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص له مما هو فيه؟ لا يستويان، وكما خذلتُ هذا الكافر الذي يجادلكم -أيها المؤمنون- فزيَّنْتُ له سوء عمله، فرآه حسنًا، زيَّنْتُ للجاحدين أعمالهم السيئة؛ ليستوجبوا بذلك العذاب.
السؤال : ما وجه الاقتصار في الآية على الأكابر دون غيرهم؟
(وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر) أي: كما جعلنا في مكة أكابرها ليمكروا فيها، جعلنا في كل قرية، وإنما ذكر الأكابر لأن غيرهم تبع لهم.
(ابن جزي:1/284.)
*************************************************************
*( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ )*
الأنعام (124)وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال هؤلاء الطغاة الذل، ولهم عذاب موجع في نار جهنم؛ بسبب كيدهم للإسلام وأهله.
*************************************************************
*( فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ )*
الأنعام (125)فمن يشأ الله أن يوفقه لقَبول الحق يشرح صدره للتوحيد والإيمان، ومن يشأ أن يضله يجعل صدره في حال شديدة من الانقباض عن قَبول الهدى، كحال مَن يصعد في طبقات الجو العليا، فيصاب بضيق شديد في التنفس. وكما يجعل الله صدور الكافرين شديدة الضيق والانقباض، كذلك يجعل العذاب على الذين لا يؤمنون به.
السؤال : ما علامة الهداية التي يحسها المرء من نفسه؟
يقول تعالى مبيناً لعباده علامة سعادة العبد وهدايته ... إن من انشرح صدره للإسلام -أي: اتسع وانفسح- فاستنار بنور الإيمان، وحيي بضوء اليقين، فاطمأنت بذلك نفسه، وأحب الخير، وطوعت له نفسُه فعلَه، متلذِّذاً به غير مستثقل؛ فإن هذا علامة على أن الله قد هداه، ومَنَّ عليه بالتوفيق، وسلوك أقوم الطريق.
(السعدي:272.)
السؤال : ما وجه الشبه بين الضال ومن يريد الصعود إلى السماء؟
أي: كأنما يحاول الصعود إلى السماء، وذلك غير ممكن، فكذلك يصعب عليه الإيمان
(ابن جزي:1/285.)
*************************************************************
*( وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ )*
الأنعام (126)وهذا الذي بيَّنَّاه لك -أيها الرسول- هو الطريق الموصل إلى رضا ربك وجنته. قد بينَّا البراهين لمن يتذكر من أهل العقول الراجحة.
*************************************************************
مع بعض التوجيهات
*************************************************************
مع التفسير للدكتور / ابراهيم الشربيني
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)