الأربعاء، 15 نوفمبر 2017

الجزء السادس - الربع السابع - الأحكام الفقهية



حكم موالاة اليهود و النصاري و المشركين

تناول العلماء هذا الموضوع تحت مسميات عدة، منها: مناصرة الكفار على المسلمين، أو مظاهرة الكفار ومعاونتهم على المسلمين، أو موالاة الكفار، أو تولي الكفار، وقد يذكرون لفظ الحلف مع لفظ المظاهرة والمعاونة... إلخ.. وهذه المسميات أغلب في كتب التفسير والعقيدة.

ومنها - أيضًا - الاستعانة بأهل الشرك على أهل الإسلام، والاستعانة بالمشـركين على البغاة، ونحو ذلك، وهذه أغلب في كتب الفقه وشروح الحديث؛ وقد فصّل أصحاب كل فن في الصورة الألصق بفنهم.

أحوال التحالف مع الكفار وصوره:
التحالف مع الكفار أو التناصر بين مسلمين وكفار، ضد مسلمين له حالتان:

الأولى: أن تكون القيادة للكافرين والراية الظاهرة لهم.

فمثل أن ينضم المسلم إلى الكفار، ينصـرهم ويظاهرهم ويعينهم على المسلمين، ويذب عنهم، بالمال، والسنان، والبيان.

والحال الثانية: أن تكون القيادة للمسلمين والراية الظاهرة لهم.

وذلك بأن يكون التحالف أو التناصر بين مسلمين وكفار، ويستعان بالكفار على قتال المسلمين تحت راية أهل الإسلام؛ بحيث يصير الكفار تابعين لأهل الإسلام، مؤتمرين بأمرهم.

فهاتان الحالتان لكل منهما حكمه الخاص به:

أما الحال الأولى: التي تكون القيادة للكافرين والراية الظاهرة لهم:

وهي: الانضمام تحت لواء الكفار، لحرب المسلمين، وكسـر شوكتهم؛ فهذا من أعظم صور الموالاة، وأخطرها على الإطلاق، وهو خيانة عظمى لله ولرسوله والمؤمنين، وهو كفر يخرج من الملة، والعياذ بالله. والأدلة في هذا كثيرة، منها:

قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: ٥١].

حيث بين الله تعالى أن من فعل ذلك فهو منهم، أي من أهل دينهم وملتهم، فله حكمهم .

قال الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية: «إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعًا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرًا وحليفًا ووليًا من دون الله ورسوله والمؤمنين؛ فإنه منهم في التحزب على الله ورسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان...» .

ثم قال: «يعني تعالى ذكره بقوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ومن يتول اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصـرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍّ أحدًا إلا وهو به وبدينه، وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمُه حكمَه...» .

وقال ابن حزم: 
«وَصَحَّ أَنَّ قَوْلَ الله تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: 51]إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ مِنْ جُمْلَةِ الْكُفَّارِ فَقَطْ - وَهَذَا حَقٌّ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ المُسْلِمِينَ» .

ومنها قوله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) [آل عمران: ٢٨].

قال الإمام الطبري: «معنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرًا وأنصارًا، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم؛ فإنه من يفعل ذلك (فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) يعني بذلك، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر، (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)، إلا أن تكونوا في سلطانهم، فتخافونهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل».

فالالتجاء إلى الكفار اختيارًا ومناصرتهم ضد المسلمين يعد ردة عن الإسلام - والعياذ بالله

ونصوص العلماء في ذلك كثيرة، منها:
قال ابن حزم: «من لحق بدار الحرب مختارًا محاربًا لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها...».

وقال ابن تيمية: «وكل من قفز إليهم - يعني: إلى التتار - من أمراء العسكر، وغير الأمراء فحكمه حكمهم، وفيهم من الرِّدَّةِ عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام».

وقال - أيضًا -: «فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار، فإن التتار فيهم المكره وغير المكره، وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة...».

وقال ابن القيم: «إنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه؛ أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم...».

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: «اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض...» ثم ذكرها، ومنها مظاهرة المشـركين على المسلمين، حيث قال: «الثامن: مظاهرة المشـركين ومعاونتهم على المسلمين، 
والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)».

وقال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ: «التولي: كفر يُخرج من الملة، وهو كالذبِّ عنهم، وإعانتهم بالمال، والبدن، والرأي».

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز: «وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة، فهو كافر مثلهم، 
كما قال الله سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 51]،
 وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [التوبة: ٢٣]».

وقد أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر فتوى شهيرة في حكم الأحلاف العسكرية مع غير المسلمين، جاء فيها:

«ولا ريب أن مظاهرة الأعداء وموالاتهم يستوي فيها إمدادهم بما يقوي جانبهم ويثبت أقدامهم بالرأي والفكرة، وبالسلاح والقوة سرًا وعلانية، مباشرة وغير مباشرة. وكل ذلك مما يحرم على المسلم مهما تخيل من أعذار ومبررات.

ومن ذلك يعلم أن هذه الأحلاف - التي تدعو إليها الدول الاستعمارية، وتعمل جاهدة لعقدها بين الدول الإسلامية؛ ابتغاء الفتنة، وتفريق الكلمة، والتمكين لها في البلاد الإسلامية، والمضـي في تنفيذ سياستها حيال شعوبها - لا يجوز لأي دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك فيها؛ لما في ذلك من الخطر العظيم على البلاد الإسلامية... وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عنها شرعًا، والتي قال الله تعالى فيها: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: ٥١].

وقد أشار القرآن الكريم إلى أن موالاة الأعداء، إنما تنشأ عن مرض في القلوب يدفع أصحابها إلى هذه الذلة التي تظهر بموالاة الأعداء، 
فقال تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ )[المائدة: ٥٢]».

فنصت الفتوى على علاقة هذه التحالفات وارتباطها الوثيق بالموالاة والمظاهرة المحرمة.

فهذه نماذج من أقوال العلماء قديمًا وحديثًا في هذه المسألة، ولعل ما ذكر - هنا - كافٍ في إعطاء تصور موجز لحكم هذه الصورة. والله أعلم. فهذا هو حكم الحال الأولى.

ولاشك أن هذه الحال هي الألصق بمسألة التحالف المزمع عقده لمواجهة ما يعرف بتنظيم داعش؛ فالراية والغلبة في هذا التحالف ليست لدولة إسلامية، وإنما تخضع إمارة هذا التحالف للولايات المتحدة الأمريكية الداعية لهذه الحرب، ومن استجاب لدعوتها من الدول الغربية غير الإسلامية.

ولعل معترضًا يقول: إن الراية والغلبة ليست لهذه الدول غير الإسلامية، ومن ثم فلا ينطبق هذا الحكم على هذا التحالف الذي نحن بصدده، وهذا يحتم علينا بحث حكم الحال الثانية وهي:

وأما الحال الثانية: التي تكون القيادة للمسلمين والراية الظاهرة لهم:
حيث يكون التحالف أو التناصر بين مسلمين وكفار، والاستعانة بهم على قتال المسلمين تحت راية أهل الإسلام؛ بأن يصير الكفار تابعين لأهل الإسلام، مؤتمرين بأمرهم- فهذه المسألة لها عدة صور:

الصورة الأولى: الاستعانة بالكفار، في قتال دولة مسلمة عادلة.

الصورة الثانية: الاستعانة بالكفار، في قتال دولة مسلمة جائرة.

الصورة الثالثة: الاستعانة بالكفار، في قتال أهل البغي.

فأما الصورة الأولى: وهي الاستعانة بالكفار، في قتال دولة مسلمة عادلة:
فلا خلاف بين أهل الإسلام قاطبة أنها تعتبر جريمة عظيمة وخطيئة كبيرة، فاعلها في غاية الفسوق، إلا أنه لا يكون بذلك  كافرًا كفرًا يخرجه من ملة الإسلام ، لكنه على خطرٍ عظيم.

وأما الصورة الثانية: وهي: الاستعانة بالكفار، في قتال دولة مسلمة جائرة: 
فهذه يختلف حكمها باختلاف نية فاعلها وقصده:

- فإن كان فاعل ذلك يريد من ورائه غرضًا دنيويًا؛ كالسلطة وجمع الثروات؛ فهو جرم عظيم للغاية ، وكيف يجرؤ مسلم على سفك دماء المسلمين بنفسه، حتى يجرؤ على الإثخان فيهم باستعانته عليهم بأعداء الله الكفرة، الذين لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة؟!!

- وإن كان فاعل ذلك يريد إزالة الظلم، فالأصل أن فعله هذا خطأ محض، ومعصية توجب التوبة، وإن كانت دون سابقيها؛ لوجود الشبهة.

وفي الاستعانة بالكفار والاستنصار بهم ضد الدولة المسلمة الجائرة، تسليط للكفار على المسلمين، وهو محرم شرعًا.

وأما الصورة الثالثة: وهي: الاستعانة بالكفار، في قتال أهل البغي ؛
 بمعنى استعانة أهل العدل واستنصارهم بالكفار وتجنيدهم ضد أهل البغي؛ أو استعانة الدولة المسلمة العادلة بالكفار وتحالفها معهم في قتالها ضد البغاة الخارجين عليها؛ فهذه مسألة وقع فيها خلاف بين الفقهاء؛ وبيان هذه المسألة على النحو التالي:

تحرير محل النزاع في هذه المسألة:

لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز التحالف مع الكفار والاستعانة بهم على أهل البغي؛ إذا كان حكم الشرك هو الظاهر، فالجميع متفقون- كما سبق- على أن ذلك لا يحل.

وإنما ينحصـر الخلاف في هذه المسألة، إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر؛ والذي عليه جمهور العلماء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، والظاهرية هو عدم جواز التحالف مع الكفار والاستعانة بهم على البغاة، مطلقًا سواء أكان حكم أهل العدل هو الظاهر أم لا.

وأصحاب هذا القول في استثناء حالة الضرورة من المنع فريقان:

الأول: يمنع ذلك مطلقًا؛ أي وإن دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك.

وهذا ظاهر قول المالكية ، والشافعية ، وبعض الحنابلة.

وقد استدل الجمهور على عدم جواز التحالف مع الكفار والاستعانة بهم على البغاة، بالكتاب والسنة والمعقول:

أ-الكتاب:
-قول الله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: ١٤١].

وجه الدلالة: قالوا: إن البغاة قوم من المسلمين، والاستعانة بالكافر عليهم تسليط له على المسلم، وتسليط الكافر على المسلم محرم شرعًا.

قال النووي: «لا يجوز أن يستعان عليهم بكفار؛ لأنه لا يجوز تسليط كافر على مسلم، ولهذا لا يجوز لمستحق القصاص من مسلم، أن يوكّل كافرًا في استيفائه، ولا للإمام أن يتخذ جلادًا كافرًا لإقامة الحدود على المسلمين».

وقال البهوتي: «ويحرم استعانة عليهم [يعني البغاة] بكافر؛ لأنه تسليط له على دماء المسلمين، وقال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: ١٤١]».

ب-السنة:
1- حيث احتجوا بالأحاديث العامة التي وردت بمنع الاستعانة بالمشركين، ومنها:

قول النبي ﷺ لمشـركٍ أدركه في طريقه ﷺ إلى بدر، وطلب أن يتبعه في الغزوة: «فارجع فلن أستعين بمشرك».

وجه الدلالة: قالوا: الحديث عام في منع الاستعانة بالمشـركين مطلقًا، إلا ما استثني بدليل من إجماع أو غيره.

قال ابن حزم: «وهذا عموم مانع من أن يستعان به [يعني المشـرك] في ولاية أو قتال أو شيء من الأشياء؛ إلا ما صح الإجماع على جواز الاستعانة به فيه، كخدمة الدابة أو الاستئجار، أو قضاء الحاجة ونحو ذلك مما لا يخرجون فيه عن الصغار؛ والمشرك اسم يقع على الذمي والحربي».

ج-المعقول: 
وذلك من وجوه:
الأول: أن القصد من قتال البغاة كفُّهم وتفريق شملهم، وردهم إلى الطاعة، لا قتلهم؛ والكفار يتدينون بقتلهم، فهم غير مأمونين على نفوسهم، بل وحريمهم، لما يعتقدونه دينًا من إباحة دمائهم وأموالهم التي أوجب الله تعالى حظرها وأمر بالمنع منها، ويتشفّون من المسلمين بذلك، فلا تجوز الاستعانة بهم على البغاة.

الثاني: أن الكافر لا يستعان به في قتال الكفار؛ فلأن لا يستعان به في قتال مسلم من باب أولى.

الثالث: أن هذا القول يجعل المشـرك في منزلة ينال بها مسلمًا حتى يسفك بها دمه؛ مع أن القائل به يمنع المشـرك من ذبح النسك، إذا كان تقربًا إلى الله عز وجل، فكيف أجاز أن يجعل المشـرك في منزلة ينال بها من مسلمٍ، مع منعه من تسليطه على شاته التي يتقرب بها إلى ربه؟!.

ومما سبق فإن القول بجواز الاستعانة بالكفار على البغاة – حتى إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر – فإنه قول لم يستقم له دليل، بل يعارض الأدلة الصحيحة المستقيمة؛ ومن هنا كانت نصوص الأئمة حاسمة حازمة في بيان هذا الحكم:

فقد قال الإمام الشافعي: «لا يجوز لأهل العدل عندي أن يستعينوا على أهل البغي بأحد من المشركين؛ ذمي ولا حربي، ولو كان حكم المسلمين الظاهر؛ ولا أجعل لمن خالف دين الله، الذريعة إلى قتل أهل دين الله» ، فتأمل هذه الجملة الأخيرة.

وقال الشوكاني: «وأما الاستعانة بالكفار فلا تجوز على قتال المسلمين؛ لأنه من تعاضد الكفر والإسلام على الإسلام، وقبح ذلك معلوم، ودفعه بأدلة الشرع لا تخفى».
وعليه؛ فلا يجوز تجنيد غير المسلمين في قتال المسلمين وإن كانوا بغاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق