الاثنين، 20 نوفمبر 2017

الجزء الثامن - الربع الأول - التفسير و المعاني






*( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ )*
الأنعام (111)

ولو أننا أجبنا طلب هؤلاء، فنزَّلنا إليهم الملائكة من السماء، وأحيينا لهم الموتى، فكلموهم، وجمعنا لهم كل شيء طلبوه فعاينوه مواجهة، لم يصدِّقوا بما دعوتهم إليه -أيها الرسول- ولم يعملوا به، إلا من شاء الله له الهداية، ولكن أكثر هؤلاء الكفار يجهلون الحق الذي جئت به من عند الله تعالى.
*************************************************************
*( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )*
الأنعام (112)

وكما ابتليناك -أيها الرسول- بأعدائك من المشركين ابتلينا جميع الأنبياء -عليهم السلام- بأعداء مِن مردة قومهم وأعداء من مردة الجن، يُلقي بعضهم إلى بعض القول الذي زيَّنوه بالباطل؛ ليغتر به سامعه، فيضل عن سبيل الله. ولو أراد ربك -جلَّ وعلا- لحال بينهم وبين تلك العداوة، ولكنه الابتلاء من الله، فدعهم وما يختلقون مِن كذب وزور.

السؤال : هل في الإنس شياطين كالجن؟ وأيهم أشد خطراً؟
قال قتادة ومجاهد والحسن: إن من الإنس شياطين، كما أن من الجن شياطين ...
 وقال مالك بن دينار: إن شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.
(البغوي:2/56.)

السؤال : لماذا يهتم أهل الباطل بزخرفة أقوالهم وتجميلها؟
يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات؛ حتى يجعلوه في أحسن صورة؛ ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلاً، والباطل حقاً.
(السعدي:269-270.)

*************************************************************
*( وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ )*
الأنعام (113)

ولِتميل إليه قلوب الكفار الذين لا يصدقون بالحياة الآخرة ولا يعملون لها، ولتحبَّه أنفسهم، وليكتسبوا من الأعمال السيئة ما هم مكتسبون. وفي هذا تهديد عظيم لهم.

السؤال : مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان، بين ذلك؟
أخبر أن كلام أعداء الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة. فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان؛ فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم فخالف الرسل كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة وغيرها.
(ابن تيمية:3/89-90.)
*************************************************************
*( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )*
الأنعام (114)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أغير الله إلهي وإلهكم أطلب حَكَمًا بيني وبينكم، وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم؟ وبنو إسرائيل الذين آتاهم الله التوراة والإنجيل يعلمون علمًا يقينًا أن هذا القرآن منزل عليك -أيها الرسول- من ربك بالحق، فلا تكونن من الشاكِّين في شيء مما أوحينا إليك.
*************************************************************
*( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )*
الأنعام (115)

وتمت كلمة ربك -وهي القرآن- صدقًا في الأخبار والأقوال، وعدلا في الأحكام، فلا يستطيع أحد أن يبدِّل كلماته الكاملة. والله تعالى هو السميع لما يقول عباده، العليم بظواهر أمورهم وبواطنها.

السؤال : ما الأمور التي تحدد مقدار قربك مما جاء به الرسل عليهم السلام؟
(وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً): فالله تعالى بعث الرسل بالعلم والعدل؛ فكل من كان أتم علما وعدلا كان أقرب إلى ما جاءت به الرسل.
(ابن تيمية:3/93.)
*************************************************************
*( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ )*
الأنعام (116)

ولو فُرض -أيها الرسول- أنك أطعت أكثر أهل الأرض لأضلُّوك عن دين الله، ما يسيرون إلا على ما ظنوه حقًّا بتقليدهم أسلافهم، وما هم إلا يظنون ويكذبون.

السؤال : ما سبب كثرة أهل الضلال في الأرض؟
وسبب هذه الأكثرية: أن الحق والهدى يحتاج إلى عقول سليمة، ونفوس فاضلة، وتأمل في الصالح والضار، وتقديم الحق على الهوى، والرشد على الشهوة، ومحبة الخير للناس. وهذه صفات إذا اختل واحد منها تطرق الضلال إلى النفس بمقدار ما انثلم من هذه الصفات.
(ابن عاشور:8/25.)

السؤال : انتشر اليوم بين الناس الإيمان بالأكثرية، وتغليبها على الأقلية، فما حكم الشرع في هذا؟
دلت هذه الآية على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك؛ فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً وأجراً.
(السعدي:270.)
*************************************************************
*( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )*
الأنعام (117)

إن ربك هو أعلم بالضالين عن سبيل الرشاد، وهو أعلم منكم ومنهم بمن كان على استقامة وسداد، لا يخفى عليه منهم أحد.
*************************************************************
*( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ )*
الأنعام (118)

فكلوا من الذبائح التي ذُكِرَ اسم الله عليها، إن كنتم ببراهين الله تعالى الواضحة مصدقين.

السؤال : لماذا ختم الأمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه بذكر الإيمان؟
(إن كنتم بآياته مؤمنين)
 أي: إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين؛ فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها.
(ابن عطية:2/338.)
*************************************************************
*( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ )*
الأنعام (119)

وأيُّ شيء يمنعكم أيها المسلمون من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وقد بيَّن الله سبحانه لكم جميع ما حرَّم عليكم؟ لكن ما دعت إليه الضرورة بسبب المجاعة، مما هو محرم عليكم كالميتة، فإنه مباح لكم. وإنَّ كثيرًا من الضالين ليضلون عن سبيل الله أشياعهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال بأهوائهم؛ جهلا منهم. إن ربك -أيها الرسول- هو أعلم بمن تجاوز حده في ذلك، وهو الذي يتولى حسابه وجزاءه.

السؤال : كيف يستدل بالآية على القاعدة الشرعية: (الأصل في الأشياء الإباحة)؟
ودلت الآية الكريمة على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم يرد الشرعُ بتحريم شيء منها فإنه باقٍ على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال؛ لأن الحرام قد فَصَّلَه الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
(السعدي:271.)

السؤال : بين خطورة اتباع الأهواء بغير علم من الله تعالى؟
فكل من اتبع ذوقا أو وجدا بغير هدى من الله -سواء كان ذلك عن حب أو بغض- فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه دينا، وينهى عما يبغضه ويذمه، ويتخذ ذلك دينا، إلا بهدى من الله؛ وهو شريعة الله التي جعل عليها رسوله. ومن اتبع ما يهواه حبا وبغضا بغير الشريعة فقد اتبع هواه بغير هدى من الله.
(ابن تيمية:3/96.)

السؤال : ما أشد أنواع الضلال؟
ثم بين عز وجل في ضلالهم أنه على أقبح الوجوه، وأنه بالهوى لا بالنظر والتأمل، و(بِغَيْرِ عِلْمٍ) معناه: في غير نظر.
(ابن عطية:2/339.)
*************************************************************
*( وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ )*
الأنعام (120)

واتركوا -أيها الناس- جميع المعاصي، ما كان منها علانية وما كان سرًّا. إن الذين يفعلون المعاصي سيعاقبهم ربهم؛ بسبب ما كانوا يعملونه من السيئات.

السؤال : ما أول ما على المرء فعله لاجتناب الآثام والمعاصي الظاهرة والباطنة؟
ولا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة إلا بعد معرفتها والبحث عنها، فيكون البحث عنها ومعرفة معاصي القلب والبدن والعلم بذلك واجباً متعيناً على المكلف. وكثير من الناس تخفى عليه كثير من المعاصي، خصوصاً معاصي القلب؛ كالكبر، والعجب، والرياء، ونحو ذلك، حتى إنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر، وهذا من الإعراض عن العلم وعدم البصيرة.
(السعدي:271.)

السؤال : جمعت هذه الآية بين الإيجاز والعموم، وضح ذلك؟
(وذروا ظاهر الإثم وباطنه):
 لفظ يعم أنواع المعاصي؛ لأن جميعها إما باطن وإما ظاهر، وقيل: الظاهر: الأعمال، والباطن: الاعتقاد.
(ابن جزي:1/284.)
*************************************************************
*( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )*
الأنعام (121)

ولا تأكلوا -أيها المسلمون- من الذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها عند الذبح، كالميتة وما ذبح للأوثان والجن، وغير ذلك، وإن الأكل من تلك الذبائح لخروج عن طاعة الله تعالى. وإن مردة الجن لَيُلْقون إلى أوليائهم من شياطين الإنس بالشبهات حول تحريم أكل الميتة، فيأمرونهم أن يقولوا للمسلمين في جدالهم معهم: إنكم بعدم أكلكم الميتة لا تأكلون ما قتله الله، بينما تأكلون مما تذبحونه، وإن أطعتموهم -أيها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشرك سواء.

السؤال : كيف ترد بهذه الآية على من يؤمن بالإلهامات والكشوفات من غير عرضٍ على الكتاب والسنة؟
ودلَّت هذه الآية الكريمة على أن ما يقع في القلوب من الإلهامات والكشوف التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم، لا تدل بمجردها على أنها حق، ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله، فإن شهدا لها بالقبول قبلت، وإن ناقضتهما ردت، وإن لم يعلم شيء من ذلك توقف فيها ولم تصدق ولم تكذب؛ لأن الوحي والإلهام يكون من الرحمن ويكون من الشيطان، فلا بد من التمييز بينهما والفرقان، وبعدم التفريق بين الأمرين حصل من الغلط والضلال ما لا يحصيه إلا الله.
(السعدي:271.)
*************************************************************
*( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (122)

أوَمن كان ميتًا في الضلالة هالكا حائرا، فأحيينا قلبه بالإيمان، وهديناه له، ووفقناه لاتباع رسله، فأصبح يعيش في أنوار الهداية، كمن مثله في الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة، لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص له مما هو فيه؟ لا يستويان، وكما خذلتُ هذا الكافر الذي يجادلكم -أيها المؤمنون- فزيَّنْتُ له سوء عمله، فرآه حسنًا، زيَّنْتُ للجاحدين أعمالهم السيئة؛ ليستوجبوا بذلك العذاب.
*************************************************************
*( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (122)

أوَمن كان ميتًا في الضلالة هالكا حائرا، فأحيينا قلبه بالإيمان، وهديناه له، ووفقناه لاتباع رسله، فأصبح يعيش في أنوار الهداية، كمن مثله في الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة، لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص له مما هو فيه؟ لا يستويان، وكما خذلتُ هذا الكافر الذي يجادلكم -أيها المؤمنون- فزيَّنْتُ له سوء عمله، فرآه حسنًا، زيَّنْتُ للجاحدين أعمالهم السيئة؛ ليستوجبوا بذلك العذاب.

السؤال : ما وجه الاقتصار في الآية على الأكابر دون غيرهم؟
(وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر) أي: كما جعلنا في مكة أكابرها ليمكروا فيها، جعلنا في كل قرية، وإنما ذكر الأكابر لأن غيرهم تبع لهم.
(ابن جزي:1/284.)
*************************************************************
*( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ )*
الأنعام (124)

وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال هؤلاء الطغاة الذل، ولهم عذاب موجع في نار جهنم؛ بسبب كيدهم للإسلام وأهله.
*************************************************************
*( فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ )*
الأنعام (125)

فمن يشأ الله أن يوفقه لقَبول الحق يشرح صدره للتوحيد والإيمان، ومن يشأ أن يضله يجعل صدره في حال شديدة من الانقباض عن قَبول الهدى، كحال مَن يصعد في طبقات الجو العليا، فيصاب بضيق شديد في التنفس. وكما يجعل الله صدور الكافرين شديدة الضيق والانقباض، كذلك يجعل العذاب على الذين لا يؤمنون به.

السؤال : ما علامة الهداية التي يحسها المرء من نفسه؟
يقول تعالى مبيناً لعباده علامة سعادة العبد وهدايته ... إن من انشرح صدره للإسلام  -أي: اتسع وانفسح- فاستنار بنور الإيمان، وحيي بضوء اليقين، فاطمأنت بذلك نفسه، وأحب الخير، وطوعت له نفسُه فعلَه، متلذِّذاً به غير مستثقل؛ فإن هذا علامة على أن الله قد هداه، ومَنَّ عليه بالتوفيق، وسلوك أقوم الطريق.
(السعدي:272.)

السؤال : ما وجه الشبه بين الضال ومن يريد الصعود إلى السماء؟
أي: كأنما يحاول الصعود إلى السماء، وذلك غير ممكن، فكذلك يصعب عليه الإيمان
(ابن جزي:1/285.)
*************************************************************
*( وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ )*
الأنعام (126)

وهذا الذي بيَّنَّاه لك -أيها الرسول- هو الطريق الموصل إلى رضا ربك وجنته. قد بينَّا البراهين لمن يتذكر من أهل العقول الراجحة.
*************************************************************
مع بعض التوجيهات






*************************************************************
مع التفسير للدكتور / ابراهيم الشربيني




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق