الأحد، 19 نوفمبر 2017

الجزء السابع - الربع السابع - التفسير و المعاني




*( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )*
الأنعام (74)

واذكر -أيها الرسول- مُحاجَّة إبراهيم عليه السلام لأبيه آزر، إذ قال له: أتجعل من الأصنام آلهة تعبدها من دون الله تعالى؟ إني أراك وقومك في ضلال بيِّن عن طريق الحق.

السؤال : هل في أسلوب إبراهيم -عليه السلام- الوارد في الآية ما ينافـي البر بالوالدين؟ وضح ذلك؟
وليس في ذلك ما ينافـي البرور به؛ لأن المجاهرة بالحق دون سب ولا اعتداء لا ينافـي البرور.
(ابن عاشور:7/314.)
*******************************************************************
*( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )*
الأنعام (75)

وكما هدينا إبراهيم عليه السلام إلى الحق في أمر العبادة نُريه ما تحتوي عليه السموات والأرض من ملك عظيم، وقدرة باهرة، ليكون من الراسخين في الإيمان.
*******************************************************************
*( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ )*
الأنعام (76)

فلما أظلم على إبراهيم عليه السلام الليل وغطَّاه ناظر قومه؛ ليثبت لهم أن دينهم باطل، وكانوا يعبدون النجوم. 
رأى إبراهيم عليه السلام كوكبًا، فقال -مستدرجا قومه لإلزامهم بالتوحيد-: هذا ربي، فلما غاب الكوكب، قال: لا أحب الآلهة التي تغيب.

السؤال : ما وجه وصفِ إبراهيم الكوكبَ بأنه ربُّه؟
أي: على وجه التَنَزُّل مع الخصم؛ أي: هذا ربي، فهَلُمَّ ننظر هل يستحق الربوبية؟ وهل يقوم لنا دليلٌ على ذلك؟ فإنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهه هواه بغير حجة ولا برهان.
(السعدي:262.)

السؤال : لماذا لا يستحق العبادة من كان يأفل ويغيب عن معبوده؟
أي: الذي يغيب ويختفي عَمَّن عبده؛ فإن المعبود لا بُدَّ أن يكون قائماً بمصالح من عبده، وَمُدَبِّرًا له في جميع شؤونه، فأما الذي يمضي وقتٌ كثيرٌ وهو غائبٌ فمن أين يستحق العبادة؟! وهل اتخاذه إلهاً إلا من أَسْفَهِ السَّفَهِ، وأبطل الباطل؟!
(السعدي:262.)
*******************************************************************
*( فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ )*
الأنعام (77)

فلما رأى إبراهيم القمر طالعًا قال لقومه -على سبيل استدراج الخصم-: هذا ربي، فلما غاب، قال -مفتقرا إلى هداية ربه-: لئن لم يوفقني ربي إلى الصواب في توحيده، لأكونن من القوم الضالين عن سواء السبيل بعبادة غير الله تعالى.

السؤال : بين ما يدل على حرص الأنبياء -عليهم السلام- على الثبات على الدين.
الأنبياء لم يزالوا يسألون الله تعالى الثبات على الإيمان، 
وكان إبراهيم يقول: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) [إبراهيم: 35].
(البغوي:2/41.)
*******************************************************************
*( فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ )*
الأنعام (78)

فلما رأى الشمس طالعة قال لقومه: هذا ربي، هذا أكبر من الكوكب والقمر، فلما غابت، قال لقومه: إني بريء مما تشركون من عبادة الأوثان والنجوم والأصنام التي تعبدونها من دون الله تعالى.
*******************************************************************
*( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )*
الأنعام (79)

إني توجَّهت بوجهي في العبادة لله عز وجل وحده، فهو الذي خلق السموات والأرض، مائلا عن الشرك إلى التوحيد، وما أنا من المشركين مع الله غيره.

السؤال : ما أسباب وجوب عبادة الله وعدم عبادة غيره؟
إني وجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السماوات والأرض، الدائم الذي يبقى ولا يفنى، ويحيي ويميت، لا إلى الذي يفنى ولا يبقى، ويزول ولا يدوم، ولا يضر ولا ينفع.
(الطبري:11/487.)
*******************************************************************
*( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ )*
الأنعام (80)

وجادله قومه في توحيد الله تعالى قال: أتجادلونني في توحيدي لله بالعبادة، وقد وفقني إلى معرفة وحدانيته، فإن كنتم تخوفونني بآلهتكم أن توقع بي ضررًا فإنني لا أرهبها فلن تضرني، إلا أن يشاء ربي شيئًا. وسع ربي كل شيء علمًا. أفلا تتذكرون فتعلموا أنه وحده المعبود المستحق للعبودية؟
*******************************************************************
*( وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )*
الأنعام (81)

وكيف أخاف أوثانكم وأنتم لا تخافون ربي الذي خلقكم، وخلق أوثانكم التي أشركتموها معه في العبادة، من غير حجة لكم على ذلك؟ فأي الفريقين: فريق المشركين وفريق الموحدين أحق بالطمأنينة والسلامة والأمن من عذاب الله؟ إن كنتم تعلمون صدق ما أقول فأخبروني.
*******************************************************************
*( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )*
الأنعام (82)

الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الطمأنينة والسلامة، وهم الموفقون إلى طريق الحق.
*******************************************************************
*( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )*
الأنعام (83)

وتلك الحجة التي حاجَّ بها إبراهيم عليه السلام قومه هي حجتنا التي وفقناه إليها حتى انقطعت حجتهم.
 نرفع مَن نشاء من عبادنا مراتب في الدنيا والآخرة. إن ربك حكيم في تدبير خلقه، عليم بهم.

السؤال : من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً، وضح ذلك من الآية؟
فجزينا إبراهيم ﷺ على طاعته إيانا، وإخلاصه توحيد ربه، ومفارقته دين قومه المشركين بالله، بأن رفعنا درجته في عليين، وآتيناه أجره في الدنيا، ووهبنا له أولادا خصصناهم بالنبوة، وذرية شرفناهم منا بالكرامة، وفضلناهم على العالمين.
(الطبري:11/507.)

السؤال : ما سبب رفع إبراهيم على قومه درجات؟
فإن العلم يرفع الله به صاحبه فوق العباد درجات؛ خصوصاً العالم العامل المعلم؛ فإنه يجعله الله إماماً للناس بحسب حاله؛ تُرْمَقُ أفعاله، وتقتفى آثاره، ويستضاء بنوره، ويمشى بعلمه.
(السعدي:263.)

السؤال : كيف يرفع العبد درجات؟
أي: نرفع درجات من نشاء بالعلم، والفهم، والفضيلة، والعقل؛ كما رفعنا درجات إبراهيم حتى اهتدى، وحاج قومه في التوحيد.
(البغوي:2/41.)
*******************************************************************
*( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )*
الأنعام (84)

ومننَّا على إبراهيم عليه السلام بأن رزقناه إسحاق ابنًا ويعقوب حفيدًا، ووفَّقنا كلا منهما لسبيل الرشاد، وكذلك وفَّقنا للحق نوحًا -من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب- وكذلك وفَّقنا للحق من ذرية نوح داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون عليهم السلام، وكما جزينا هؤلاء الأنبياء لإحسانهم نجزي كل محسن.

السؤال : كيف كان الأولاد جزاء لإحسان إبراهيم عليه السلام؟
وكان هذا مجازاة لإبراهيم- عليه السلام- حين اعتزل قومه وتركهم، ونزح عنهم، وهاجر من بلادهم ذاهباً إلى عبادة الله في الأرض، فعوضه الله -عز وجل- عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صلبه على دينه؛ لتقر بهم عينه.
(ابن كثير:2/147.)
*******************************************************************
*( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ )*
الأنعام (85)

وكذلك هدينا زكريا ويحيى وعيسى وإلياس، وكل هؤلاء الأنبياء عليهم السلام من الصالحين.
*******************************************************************
*( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ )*
الأنعام (86)

وهدينا كذلك إسماعيل واليسع ويونس ولوطا، وكل هؤلاء الرسل فضَّلناهم على أهل زمانهم.
*******************************************************************
*( وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )*
الأنعام (87)

وكذلك وفَّقنا للحق من شئنا هدايته من آباء هؤلاء وذرياتهم وإخوانهم، واخترناهم لديننا وإبلاغ رسالتنا إلى مَن أرسلناهم إليهم، وأرشدناهم إلى طريق صحيح، لا عوج فيه، وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الشرك.
*******************************************************************
*( ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )*
الأنعام (88)

ذلك الهدى هو توفيق الله، الذي يوفق به من يشاء من عباده. ولو أن هؤلاء الأنبياء أشركوا بالله -على سبيل الفرض والتقدير- لبطل عملهم؛ لأن الله تعالى لا يقبل مع الشرك عملا.

السؤال : ما جزاء من أشرك بالله تعالى وكانت له أعمال صالحة؟
أي: لو عبدوا غيري لحبطت أعمالهم، ولكني عصمتهم.
(القرطبي:8/451.)
*******************************************************************
*( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ )*
الأنعام (89)

أولئك الأنبياء الذين أنعمنا عليهم بالهداية والنبوة هم الذين آتيناهم الكتاب كصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى، وآتيناهم فَهْمَ هذه الكتب، واخترناهم لإبلاغ وحينا، فإن يجحد -أيها الرسول- بآيات هذا القرآن الكفارُ من قومك، فقد وكلنا بها قومًا آخرين -أي: المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة- ليسوا بها بكافرين، بل مؤمنون بها، عاملون بما تدل عليه.

السؤال : كيف تدل هذه الآية على أفضلية رسولنا الكريم ﷺ على جميع الرسل؟
أي: امش أيها الرسول الكريم خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار، واتبع ملتهم، وقد امتثل صلى الله عليه وسلم؛ فاهتدى بهدي الرسل قبله، وجمع كل كمال فيهم؛ فاجتمعت لديه فضائل وخصائص فاق بها جميع العالمين، وكان سيد المرسلين وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
(السعدي:264.)
*******************************************************************
*( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ )*
الأنعام (90)

أولئك الأنبياء المذكورون هم الذين وفقهم الله تعالى لدينه الحق، فاتبع هداهم -أيها الرسول- واسلك سبيلهم. قل للمشركين: لا أطلب منكم على تبليغ الإسلام عوضًا من الدنيا، إنْ أجري إلا على الله، وما الإسلام إلا دعوة جميع الناس إلى الطريق المستقيم وتذكير لكم ولكل مَن كان مثلكم، ممن هو مقيم على باطل، لعلكم تتذكرون به ما ينفعكم.
*******************************************************************
*( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ )*
الأنعام (91)

وما عَظَّم هؤلاء المشركون الله حق تعظيمه؛ إذ أنكروا أن يكون الله تعالى قد أنزل على أحد من البشر شيئًا من وحيه. قل لهم -أيها الرسول-: إذا كان الأمر كما تزعمون، فمن الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى إلى قومه نورًا للناس وهداية لهم؟ ثم توجه الخطاب إلى اليهود زَجْرًا لهم بقوله: تجعلون هذا الكتاب في قراطيس متفرقة، تظهرون بعضها، وتكتمون كثيرًا منها، ومما كتموه الإخبار عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، وعلَّمكم الله معشر العرب بالقرآنِ -الذي أنزله عليكم، فيه خبر مَن قبلكم ومَن بعدكم، وما يكون بعد موتكم- ما لم تعلموه أنتم ولا آباؤكم، قل: الله هو الذي أنزله، ثم دع هؤلاء في حديثهم الباطل يخوضون ويلعبون.

السؤال : من الذي يقدر الله حق قدره؟
قال ابن عباس  في رواية الوالبي عنه: «هذه في الكفار، فأما من آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره».
(ابن تيمية:3/53.)
*******************************************************************
*( وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ۚ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ )*
الأنعام (92)

وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك -أيها الرسول- عظيم النفع، مصدق لما تقدمه من الكتب السماوية، أنزلناه لنخوِّف به من عذاب الله وبأسه أهل "مكة" ومن حولها من أهل أقطار الأرض كلها. والذين يصدقون بالحياة الآخرة، يصدقون بأن القرآن كلام الله، ويحافظون على إقام الصلاة في أوقاتها.
*******************************************************************
*( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )*
الأنعام (93)

ومَن أشدُّ ظلمَّا ممَّن اختلق على الله تعالى قولا كذبًا، فادعى أنه لم يبعث رسولا من البشر، أو ادعى كذبًا أن الله أوحى إليه ولم يُوحِ إليه شيئًا، أو ادَّعى أنه قادر على أن يُنْزل مثل ما أنزل الله من القرآن؟ ولو أنك أبصرت -أيها الرسول- هؤلاء المتجاوزين الحدَّ وهم في أهوال الموت لرأيت أمرًا هائلا والملائكة الذين يقبضون أرواحهم باسطو أيديهم بالعذاب قائلين لهم: أخرجوا أنفسكم، اليوم تهانون غاية الإهانة، كما كنتم تكذبون على الله، وتستكبرون عن اتباع آياته والانقياد لرسله.

السؤال : هل يدخل في الكذب على الله تعالى اعتبار الخواطر القلبية والرؤى المنامية مصدرا من مصادر التشريع؟
ومن هذا النمط من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن؛ فيقول: وقع في خاطري كذا، أو أخبرني قلبي بكذا، فيحكمون بما يقع في قلوبهم ويغلب عليهم من خواطرهم ... فيستغنون بها عن أحكام الشرائع الكليات، ويقولون: هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأغبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون لتلك النصوص.
(القرطبي:8/458.)

السؤال : لماذا كان المفتري على الله كذباً من أظلم الخلق؟
إنما كان هذا أظلم الخلق لأن فيه من الكذب، وتغيير الأديان -أصولها وفروعها- ونسبة ذلك إلى الله، ما هو من أكبر المفاسد.
(السعدي:265.)

السؤال : ما الفرق بين خروج روح المؤمن وخروج روح الكافر عند الموت؟
(والملائكة باسطوا أيديهم):
 بالعذاب والضرب؛ يضربون وجوههم وأدبارهم، وقيل: بقبض الأرواح. (أخرجوا) أي: يقولون: أخرجوا (أنفسكم) أي: أرواحكم كرها؛ لأن نفس المؤمن تنشط للقاء ربه، ونفس الكافر تكره ذلك. والجواب محذوف؛ يعني: لو تراهم في هذه الحال لرأيت عجبا.
(البغوي:2/47.)
*******************************************************************
*( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ )*
الأنعام (94)

ولقد جئتمونا للحساب والجزاء فرادى كما أوجدناكم في الدنيا أول مرة حفاة عراة، وتركتم وراء ظهوركم ما مكنَّاكم فيه مما تتباهون به من أموال في الدنيا، وما نرى معكم في الآخرة أوثانكم التي كنتم تعتقدون أنها تشفع لكم، وتَدَّعون أنها شركاء مع الله في العبادة، لقد زال تَواصُلُكم الذي كان بينكم في الدنيا، وذهب عنكم ما كنتم تَدَّعون من أن آلهتكم شركاء لله في العبادة، وظهر أنكم الخاسرون لأنفسكم وأهليكم وأموالكم.

السؤال : من خلال الآية: بين حسرة من يعبدون الصالحين يوم القيامة وندامتهم؟
الجميع عبيد لله، والله مالكهم والمستحق لعبادتهم، فشركهم في العبادة وصرفها لبعض العبيد تنزيل لهم منزلة الخالق المالك، فيوبخون يوم القيامة.
(السعدي:265.)
*******************************************************************
مع بعض التوجيهات


*******************************************************************
مع التفسير للدكتور/ابراهيم الشربيني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق