بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله، نتحدث في الربع الحالي،
مع آخر آية و هي آية المحرمات بالنسب و بالرضاع و بالمصاهرة.
فصل القرآن في هذا الربع الكريم المحرمات من النسب و حرمة نكاح الأم المرضع و المصاهرة ثم أضاف صلي الله عليه و سلم في الحديث فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. رواه البخاري ومسلم.
والتحريم له علل كثيرة لا تحصي منها ما هو نفسي و اجتماعي و له صلة بالأرحام و ما هو طبي و علمي، و سنتعرض لما يخصنا اليوم، للشق الطبي و العلمي وما يتاح لنا من معلومات حالية مما توصل إليها العلم في هذا المجال.
ويعرض لنا د الحبال في المقال التالي أوجه الاعجاز في التحريم بالرضاع و ما ظهر من علل تدل علي ذلك.
التحريم بالرضاع
قد يسأل سائل الحكمة من تحريم الزواج من الأخوة بالرضاعة (ما يسمى فقهيا بالرضاعة المحرِّمة) وهل بالإمكان الإفادة بالرضاعة من غير الأم لعلاج بعض الأمراض كاستنباط طبي وسبق علمي قرآني؟
والجواب عن ذلك ما يأتي:
قال الله عز وجل : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ " [ النساء : من الآية 23]
وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " رواه البخاري ومسلم .
إن هذه النصوص الشرعية تفتح مجالا واسعا لبحوث طبية تطبيقية جديدة في غاية الاهمية والفائدة للبشرية باستعمال الرضاعة البشرية من غير الام خلال فترة الرضاعة وقبل الفطام للطفل ، حيث أن الرضاعة خلال هذه الفترة لخمس رضعات تجعل الغريب قريبا ، حيث نعتقد انها تحدث تغيرات بيولوجية مناعية ونسيجية وجينية للطفل الرضيع ، وبالإمكان في حالة اثبات حصول هذه التغيرات الافادة منها في عدة مجالات طبية كحالة زرع الاعضاء (في اختيار الاخوة من الرضاعة كمتبرعين بدل الغرباء في حالة عدم توفر الاقرباء) وكذلك في علاج بعض الامراض الوراثية. وذلك بإرضاع الطفل المصاب حديث الولادة من مرضعة غريبة وسليمة . حيث نفترض أن حليبها يزيح أو يقلل من تأثير الجين المرضي عند الطفل المصاب . وهذا تطبيق لقوله عز و جل : "وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى " الطلاق : من الآية 6
والاكتشاف المهم الذي توصل اليه الطب حديثا والذي يعزز فرضيتنا المذكورة اعلاه هو: العثور على الخلايا الجذعية (Stem Cells) في الحليب البشري حيث يعتبر ذلك اكتشافا نوعيا مهماً في المجالات الطبية العلاجية في حلقة الابحاث المعنية بالخلايا الجذعية حيث بإمكان هذه الخلايا كما هو معلوم بناء واصلاح وتجديد أنسجة الجسم وخلاياه. وتشير الدراسات الى ان هذه الخلايا التي تتكون في الغدد الثديية للأم والمكونة للحليب هي امتداد لعمل الخلايا الجذعية من المشيمة المسؤولة عن الامداد الدموي والغذائي للجنين في فترة الحمل ، وهي تسلم وظيفتها بعد الولادة للغدد الثديية المكونة للحليب لإكمال تميزه الجيني والنسيجي والمناعي . فالرضاعة البشرية تكمل ما بدأت به المشيمة ومن تقدير الله عز و جل ان جعل الجهاز الهضمي للطفل الرضيع مهيأ ليسمح بمرور هذه الخلايا الجذعية وغيرها من الخلايا المناعية قبل انغلاق الحاجز المعوي الدموي(Intestinal-Blood Barrier ) مما يساعد على نمو وبناء وتوجيه وتطوير جسمه في نفس الوقت .
ولعل في اكتشاف تواجد هذه الخلايا في حليب الامهات ، وما يمثله دورها الخلوي في نظام بناء واصلاح وتجديد وتطور الصفات المظهرية phenotype للمولود حتى يصل الى مرحلة البلوغ تلمس بعض الحكمة من التشابه الخلوي و النسيجي و العضوي و النفسي ، الحادث بين من يرضعون على مرضعة واحدة ،مما يفسر لنا الحكمة من تحريم الزواج من الأخوة بالرضاعة كما هو الأمر بتحريم الزواج من المحارم لوقوع هذا التشابه وراثيا الذي يؤدي في حالة حصوله الى ظهور الكثير من الأمراض الوراثية وبنسب عالية وكما هو معروف في المجتمعات اليهودية والذي بينته الدراسات والأبحاث الطبية. والله أعلم بمراده.
والحمد لله رب العالمين
الدكتور محمد جميل الحبال
****************************************************************************والثابت علميا أن الامراض المنتشرة في عائلة معينة أو طائفة مغلقة علي نفسها تكثر بالزواج داخلها و كلما كان القرب كلما كان ظهور الامراض الظاهرة و الخفية، السائدة و المتنحية، كما نرى من انتشار أمراض خاصة باليهود مسماه باسمهم لانغلاقهم على أنفسهم، و نلاحظ انتشار مرض الانيميا المنجلية في شيعة شرق السعودية لنفس السبب، فكيف يكون الحال لو كانت صلة القرابة شديدة كما ذكرت في الآيات التي معنا.
https://youtu.be/owlaYQJMJrk
****************************************************************************
هذا ما تيسر ذكره من الاعجاز العلمى فى رحاب الورد الاسبوعي، و لم ينته الاعجاز فهناك كثير من نقاط للبحث و الاستنباط من علة تحريم نكاح الاقارب و الرضاع و النسب، و ما يمكن أن يحدث من تطور جيني بالرضاع و يقرب بين المحرمين كالنسب و يحول دون زواج صحيح من كل العلل بأنواعها المختلفة، و ما يمكن الاستفادة منه في علاج بعض الامراض عن طريق الاسترضاع لغير الأم و تحسين النسل
وبعد فالباب لا يزال مفتوحا علي مصراعيه للاستنباط و الاستفادة من الاشارات العلمية في القرآن و السنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق