الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

⟽⟽⟽ الجزء الثاني - الربع السادس - التفسير و المعاني




تفسير الآيات (219- 220):
{يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}

يسألك المسلمون- أيها النبي- عن حكم تعاطي الخمر شربًا وبيعًا وشراءً، والخمر كل مسكر خامر العقل وغطاه مشروبًا كان أو مأكولا ويسألونك عن حكم القمار- وهو أَخْذُ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهي المغالبات التي فيها عوض من الطرفين-، قل لهم: في ذلك أضرار ومفاسد كثيرة في الدين والدنيا، والعقول والأموال، وفيهما منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما؛ إذ يصدَّان عن ذكر الله وعن الصلاة، ويوقعان العداوة والبغضاء بين الناس، ويتلفان المال. وكان هذا تمهيدًا لتحريمهما. ويسألونك عن القَدْر الذي ينفقونه من أموالهم تبرعًا وصدقة، قل لهم: أنفقوا القَدْر الذي يزيد على حاجتكم. مثل ذلك البيان الواضح يبيِّن الله لكم الآيات وأحكام الشريعة؛ لكي تتفكروا فيما ينفعكم في الدنيا والآخرة.

ويسألونك- أيها النبي- عن اليتامى كيف يتصرفون معهم في معاشهم وأموالهم؟ قل لهم: إصلاحكم لهم خير، فافعلوا الأنفع لهم دائمًا، وإن تخالطوهم في سائر شؤون المعاش فهم إخوانكم في الدين. وعلى الأخ أن يرعى مصلحة أخيه. والله يعلم المضيع لأموال اليتامى من الحريص على إصلاحها. ولو شاء الله لضيَّق وشقَّ عليكم بتحريم الخالطة. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه
.
*************************************************************
تفسير الآية رقم (221):
وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)

ولا تتزوجوا- أيها المسلمون-
المشركات عابدات الأوثان، حتى يدخلن في الإسلام. واعلموا أن امرأة مملوكة لا مال لها ولا حسب، مؤمنةً بالله، خير من امرأة مشركة، وإن أعجبتكم المشركة الحرة. ولا تُزَوِّجوا نساءكم المؤمنات- إماء أو حرائر- للمشركين حتى يؤمنوا بالله ورسوله. واعلموا أن عبدًا مؤمنًا مع فقره، خير من مشرك، وإن أعجبكم المشرك. أولئك المتصفون بالشرك رجالا ونساءً يدعون كل مَن يعاشرهم إلى ما يؤدي به إلى النار، والله سبحانه يدعو عباده إلى دينه الحق المؤدي بهم إلى الجنة ومغفرة ذنوبهم بإذنه، ويبين آياته وأحكامه للناس؛ لكي يتذكروا، فيعتبروا.

السؤال : ما فائدة التفكر في آيات القرآن؟
أي في الآيات، فتسنتنبطوا الأحكام منها، وتفهموا المصالح والمنافع المنوطة بها؛ فترجّي التفكر غاية لتبيين الآيات، فتأخذون بالأصلح وتجتنبون عما يضركم ولا ينفعكم، أو يضركم أكثر مما ينفعكم.
(الألوسي: 2/116.)

: السؤال : كيف تستفيد من الآية خطورة مخالطة المسلم للمبتدعة والمشركين؟
(أولئك يدعون إلى النار) أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم؛ [فمخالِطهم] على خطر منهم، والخطر ليس من الأخطار الدنيوية، إنما هو من الشقاء الأبدي. ويستفاد من تعليل الآية: النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخلطة المجردة من باب أولى، وخصوصاًً الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم
(السعدي: 99.

السؤال : متى يكون المسلم أكثر عرضة للهلاك؟
المقصود من الآية أن المؤمن يجب أن يكون حذرا عما يضره في الآخرة وأن لا يحوم حول حمى ذلك ويتجنب عما فيه الاحتمال، مع أن النفس والشيطان يعاونان على ما يؤدي إلى النار
(الألوسي: 2/120.)
*************************************************************
تفسير الآية رقم (222):
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}

ويسألونك عن الحيض- وهو الدم الذي يسيل من أرحام النساء جِبِلَّة في أوقات مخصوصة-، قل لهم- أيها النبي-: هو أذى مستقذر يضر من يَقْرَبُه، فاجتنبوا جماع النساء مدة الحيض حتى ينقطع الدم، فإذا انقطع الدم، واغتسلن، فجامعوهن في الموضع الذي أحلَّه الله لكم، وهو القبل لا الدبر. إن الله يحب عباده المكثرين من الاستغفار والتوبة، ويحب عباده المتطهرين الذين يبتعدون عن الفواحش والأقذار.


-السؤال : لماذا عبر بصيغة التوابين التي تفيد الاستمرار ؟
تأنيساًً لقلوب المتحرجين من معاودة الذنب بعد توبة منه, أي: ومن معاودة التوبة بعد الوقوع في ذنب ثان؛ لما يخشى العاصي من أن يكتب عليه كذبة كلما أحدث توبة وزل بعدها فيعد مستهزئاًً، فيسقط من عين الله ثم لا يبالي به، فيوقفه ذلك عن التوبة
(البقاعي:  1/422.)
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (223):
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (223)}
نساؤكم موضع زرع لكم، تضعون النطفة في أرحامهن، فَيَخْرج منها الأولاد بمشيئة الله، فجامعوهن في محل الجماع فقط، وهو القبل بأي كيفية شئتم، وقَدِّموا لأنفسكم أعمالا صالحة بمراعاة أوامر الله، وخافوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه للحساب يوم القيامة. وبشِّر المؤمنين- أيها النبي- بما يفرحهم ويسرُّهم من حسن الجزاء في الآخرة
.

السؤال : لماذا لم يذكر الله المُبَشَّر به في هذه الآية؟
لم يذكر المُبَشَّر به ليدل على العموم، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكل خير واندفاع كل ضير رتب على الإيمان، فهو داخل في هذه البشارة.
(السعدي: 100.)
*************************************************************
تفسير الآية رقم (224):
{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}
ولا تجعلوا- أيها المسلمون- حلفكم بالله مانعًا لكم من البر وصلة الرحم والتقوى والإصلاح بين الناس: بأن تُدْعَوا إلى فعل شيء منها، فتحتجوا بأنكم أقسمتم بالله ألا تفعلوه، بل على الحالف أن يعدل عن حلفه، ويفعل أعمال البر، ويكفر عن يمينه، ولا يعتاد ذلك. والله سميع لأقوالكم، عليم بجميع أحوالكم.

السؤال : ختام الآية بين عظم اليمين وأهميتها, وضح ذلك؟
الاسمين الكريمين، فقال: (والله سميع)؛ أي: لجميع الأصوات، (عليم) بالمقاصد والنيات؛ ومنه سماعه لأقوال الحالفين، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم قد استقر علمها عنده
(السعدي: 100-101.)
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (225):
{لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
(225)}
لا يعاقبكم الله بسبب أيمانكم التي تحلفونها بغير قصد، ولكن يعاقبكم بما قصدَتْه قلوبكم. والله غفور لمن تاب إليه، حليم بمن عصاه حيث لم يعاجله بالعقوبة


السؤال : ما فائدة التقليل من الحلف واليمين؟
المعنى:
لا تستكثروا من اليمين بالله؛ فإنه أهيب للقلوب؛ قال تعالى: (واحفظوا أيمانكم) [المائدة:89]، وذم من كثر اليمين
 فقال (ولا تطع كل حلاف مهين)
[القلم: 10]
(القرطبي: 4/13.)

السؤال : متى يكون الحلف واليمين مذموما؟
نهاهم الله أن يجعلوا الحلف بالله مانعا لهم من فعل ما أمر به؛ لئلا يمتنعوا عن طاعته باليمين التي حلفوها
(ابن تيمية: 1/517.)

السؤال : متى يحاسب الإنسان على تصرفاته؟ وضح ذلك من خلال الآية
والشارع لم يرتب المؤاخذة إلا على ما يكسبه القلب من الأقوال والأفعال الظاهرة؛ كما قال: (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم)، ولم يؤاخذ على أقوال وأفعال لم يعلم بها القلب، ولم يتعمدها، وكذلك ما يحدث به المرء نفسه؛ لم يؤاخذ منه إلا بما قاله، أو فعله
(ابن تيمية: 1/517.)

السؤال : ما دلالة ختم الآية بـــ صفة الله  الحليم سبحانه؟
لا يعاجلهم بالأخذ. والحلم احتمال الأعلى للأذى من الأدنى.
(البقاعي: 1/426.)
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (226):
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}
للذين يحلفون بالله أن لا يجامعوا نساءهم، انتظار أربعة أشهر، فإن رجعوا قبل فوات الأشهر الأربعة، فإن الله غفور لما وقع منهم من الحلف بسبب رجوعهم، رحيم بهم.
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (227):
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
وإن عقدوا عزمهم على الطلاق، باستمرارهم في اليمين، وترك الجماع، فإن الله سميع لأقوالهم، عليم بمقاصدهم، وسيجازيهم على ذلك.
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (228):
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)

والمطلقات ذوات الحيض، يجب أن ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق مدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات على سبيل العدة؛ ليتأكدن من فراغ الرحم من الحمل. ولا يجوز لهن تزوج رجل آخر في أثناء هذه العدة حتى تنتهي. ولا يحل لهن أن يخفين ما خلق الله في أرحامهن من الحمل أو الحيض، إن كانت المطلقات مؤمنات حقًا بالله واليوم الآخر. وأزواج المطلقات أحق بمراجعتهن في العدة. وينبغي أن يكون ذلك بقصد الإصلاح والخير، وليس بقصد الإضرار تعذيبًا لهن بتطويل العدة. وللنساء حقوق على الأزواج، مثل التي عليهن، على الوجه المعروف، وللرجال على النساء منزلة زائدة من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف والقِوامة على البيت وملك الطلاق. والله عزيز له العزة القاهرة، حكيم يضع كل شيء في موضعه المناسب

: السؤال : لم يُرِد الشرع دفع أسباب الطلاق فقط؛ بل أراد وجود السعادة بين الزوجين, وضح ذلك.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما تحب امرأتي أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) 
(البغوي: 1/225.)

السؤال : ما المعتبر في مقدار حقوق الزوجية؟
ما يوجبه العقد لكل واحد من الزوجين على الآخر ... ليس بمقدر؛ بل المرجع في ذلك إلى العرف؛ كما دل عليه الكتاب في مثل قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). 
(ابن تيمية: 1/523.)

السؤال : ينادي الكفار و المنافقون بتساوي الرجل مع المرأة، فكيف ترد على ذلك؟
ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء؛ ولو لم يكن إلا أن المرأة خُلقت من الرجل؛ فهو أصلها، وله أن يمنعها من التصرف إلا بإذنه، فلا تصوم إلا بإذنه، ولا تحج إلا معه
 (القرطبي: 4/53.)
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (229):
الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (229)

الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان، واحدة بعد الأخرى، فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف، وحسن العشرة بعد مراجعتها، أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها، وألا يذكرها مطلقها بسوء. ولا يحل لكم- أيها الأزواج- أن تأخذوا شيئًا مما أعطيتموهن من المهر ونحوه، إلا أن يخاف الزوجان ألا يقوما بالحقوق الزوجية، فحينئذ يعرضان أمرهما على الأولياء، فإن خاف الأولياء عدم إقامة الزوجين حدود الله، فلا حرج على الزوجين فيما تدفعه المرأة للزوج مقابل طلاقها. تلك الأحكام هي حدود الله الفاصلة بين الحلال والحرام، فلا تتجاوزوها، ومن يتجاوز حدود الله تعالى فأولئك هم الظالمون أنفسهم بتعريضها لعذاب الله.
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (230):
فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)

فإن طلَّق الرجل زوجته الطلقة الثالثة، فلا تحلُّ له إلا إذا تزوجت رجلا غيره زواجًا صحيحًا وجامعها فيه ويكون الزواج عن رغبة، لا بنية تحليل المرأة لزوجها الأول، فإن طلقها الزوج الآخر أو مات عنها وانقضت عدتها، فلا إثم على المرأة وزوجها الأول أن يتزوجا بعقد جديد، ومهر جديد، إن غلب على ظنهما أن يقيما أحكام الله التي شرعها للزوجين. وتلك أحكام الله المحددة يبينها لقوم يعلمون أحكامه وحدوده؛ لأنهم المنتفعون بها.
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (231):
وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)

وإذا طَلَّقتم النساء فقاربن انتهاء عدتهن، فراجعوهن، ونيتكم القيام بحقوقهن على الوجه المستحسن شرعًا وعرفًا، أو اتركوهن حتى تنقضي عدتهن. واحذروا أن تكون مراجعتهن بقصد الإضرار بهن لأجل الاعتداء على حقوقهن. ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه باستحقاقه العقوبة، ولا تتخذوا آيات الله وأحكامه لعبًا ولهوًا. واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام وتفصيل الأحكام. واذكروا ما أنزل الله عليكم من القرآن والسنة، واشكروا له سبحانه على هذه النعم الجليلة، يُذكِّركم الله بهذا، ويخوفكم من المخالفة، فخافوا الله وراقبوه، واعلموا أن الله عليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء، وسيجازي كلا بما يستحق.

السؤال : لماذا قُصِرَ الطلاق الرجعي على المرتين فقط؟\
لأن من زاد على الاثنتين؛ فإما متجرئ على المحرم، أو ليس له رغبة في إمساكها، بل قصده المضارة
(السعدي: 102.)

السؤال : كيف يتعامل الإنسان مع الولايات التي تعرض عليه؟
في هذا دلالة على أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يدخل في أمر من الأمور
خصوصاً الولايات الصغار والكبار- أن ينظر في نفسه؛ فإن رأى من نفسه قوة على ذلك ووثق بها أقدم، وإلا أحجم.
(السعدي: 103.)

السؤال : التلاعب بأحكام الزواج يؤدي إلى التلاعب بأحكام الطلاق والاستهزاء بأحكام الشرع، وضح ذلك؟
بأن تعرضوا عنها، وتتهاونوا في المحافظة عليها؛ فجدُّوا في الأخذ بها، والعمل بما فيها، وارعوها حق رعايتها
(الألوسي: 2/143.)

السؤال : ما حكم الاستهزاء بدين الله تعالى؟
الاستهزاء بدين الله من الكبائر، والاستهزاء هو السخرية؛ وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب.
(ابن تيمية: 1/543.)
*************************************************************
.تفسير الآية رقم (232):
وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232)
واذا طلَّقتم نساءكم دون الثلاث وانتهت عدتهن من غير مراجعة لهن، فلا تضيقوا- أيها الأولياء- على المطلقات بمنعهن من العودة إلى أزواجهن بعقد جديد إذا أردن ذلك، وحدث التراضي شرعًا وعرفًا. ذلك يوعظ به من كان منكم صادق الإيمان بالله واليوم الآخر. إن تَرْكَ العضل وتمكين الأزواج من نكاح زوجاتهم أكثر نماء وطهارة لأعراضكم، وأعظم منفعة وثوابًا لكم. والله يعلم ما فيه صلاحكم وأنتم لا تعلمون ذلك

: السؤال : كيف تستدل بهذه الآية على اشتراط الولي للمرأة في النكاح؟
نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين؛ فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك؛ فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها ... وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها، وأنه لا بد في النكاح من ولي.
(ابن كثير: 1/267.)

السؤال : متى يكون دخول طرف ثالث في قضايا الزوجية ضرراًً عليهما؟
والإشارة في (ذلِكُم أَزْكى) إلى ترك العضل، وأَزكى وأَطْهَرُ معناه: أطيب للنفس، وأطهر للعرض والدين؛ بسبب العلاقات التي تكون بين الأزواج، وربما لم يعلمها الولي؛ فيؤدي العضل إلى الفساد والمخالطة على ما لا ينبغي، والله تعالى يعلم من ذلك ما لا يعلم البشر.
(ابن عطية: 1/310.)

: السؤال : لماذا خص المؤمن بالله واليوم الآخر بهذه الموعظة؟
وفيه إيذان بأن المشار إليه أمر لا يكاد يتصوره كل أحد؛ بل لا بد لتصور ذلك من مؤيد من عند الله تعالى.
 (يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر):
خصه بالذكر لأنه المسارع إلى الامتثال؛ إجلالا لله تعالى، وخوفا من عقابه.
(الألوسي: 2/145.)
****************************************************************
مع بعض التوجيهات









***************************************************
مع التفسير للدكتور / ابراهيم الشربيني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق